خالد عبدالله.
صنعاء، 21 فبراير/شباط (إفي): يعتلي القائد العسكري المنحدر من جنوب اليمن عبدربه منصور هادي سدة الحكم في اليمن في انتخابات هو المرشح الوحيد فيها بعد أن توافق على اختياره أطراف الصراع في اليمن نتيجة اتفاق ترعاه دول الخليج العربية لإنقاذ اليمن من حالة انهيار الدولة والدخول في حرب أهلية.
ويتوج هادي (66 عاما) كأول رئيس جنوبي بعد أن نجح في الوقوف على مسافة متساوية من أطراف الصراع طوال عام من الاحتجاجات المنادية بتنحية الرئيس علي عبدالله صالح عن الحكم مما أكسبه ثقة المعارضة والشارع.
ويحظى هادي، الذي سيدير المرحلة الانتقالية في اليمن ومدتها عامان، بقبول إقليمي ودولي أيضا.
وفيما يعتبر تولي هادي مقاليد الحكم إنهاء لحقبة صالح، يفاخر أنصار الرئيس المنتهية ولايته بأن هادي هو الرفيق الوفي والمخلص لصالح.
وكان هادي ضابطا مغمورا قبل أن يعينه صالح وزيرا للدفاع في مايو/آيار 1994 أثناء الحرب الأهلية التي اندلعت بين قوات صالح وقوات تتبع زعماء الجنوب الذين شاركوه في توحيد شطري البلاد الجنوبي والشمالي في عام 1990.
ولم يمض هادي في منصبه وزيرا للدفاع سوى خمسة أشهر قبل أن يعينه صالح نائبا له.
وعلى الرغم من حقيقة أن هادي من الجنوب، إلا انه أظهر ولاء كبيرا لصالح خلال الحرب الأهلية.
ولم يكن ينظر لهادي منذئذ كلاعب قوي في المسرح السياسي باليمن، بل إنه ظل يمارس مهاما هامشية وسط سطوة الرئيس صالح وأقربائه وتصدرهم عناوين وسائل الإعلام.
وكان اليمنيون يعتبرون أن تعيين صالح لهادي نائبا له كان نابعا من حاجته إلى إعطاء مؤشر بوجود توازن بين الشمال والجنوب في شغل المناصب العليا للدولة.
غير أن هادي فرض نفسه كلاعب أساسي في المسرح السياسي أثناء غياب الرئيس صالح عن البلاد لتلقي العلاج في السعودية إثر إصابته في محاولة اغتيال بتفجير استهدفه بالقصر الرئاسي في يونيو/حزيران الماضي.
وتمكن خلال غياب صالح عن البلاد من إيقاف القتال الذي كان دائرا بين قوات الأمن الموالية لصالح ومقاتلين قبليين موالين لعائلة الأحمر القوية في حي الحصبة شمال العاصمة صنعاء، ليحظى بثقة المناوئين لنظام صالح.
ويواجه هادي تحديات كبيرة أهمها التدهور الاقتصادي وتنظيم القاعدة الذي أخذ في التوسع في مناطق الجنوب والمتمردين الشيعة النافذين في أقصى شمال البلاد.
وقال هادي في خطاب وجهه إلى الشعب عشية الانتخابات ان الطريق أمامه "وعرة والمنعطفات خطرة".
وأضاف: "لا بد من مواصلة السير إلى النهاية وإن بدت الطريق وعرة والمنعطفات خطرة".
وقال "أعلم جيدا أن الإستقرار المنشود لن يتحقق إذا كان هذا البلد يضم بين جنباته جائعين وخائفين ومرضى بدون أمل يمنحهم الطمأنينة".
واعتبر أن "من أوجب الواجبات هو استعادة الدولة التي تم إنهاكها لتعاود القيام بدورها الأساس بتأمين حياة الناس معيشيا".
ورسم هادي صورة مظلمة للوضع الإنساني في البلاد الذي أنهكته الصراعات الداخلية ودعا القوى السياسية إلى مساعدته في منع المزيد من تدهور الأوضاع.
وقال: "إنه مما يحز في نفسي أن يعاني نصف أطفال البلاد من سوء التغذية بالإضافة إلى معاناة حوالي ثلث الأطفال في بعض المناطق من سوء التغذية الحاد بسبب الحروب والنزاعات يوجب دق ناقوس الخطر وهي رسالة ليست للدولة وللحكومة فقط ولكن لكل القوى الحية في البلاد من أجل المساعدة لمنع مزيد من التدهور الذي يدفع أبناءنا ثمنه دون ذنب".
ويرى المحلل السياسي نصر طه مصطفى أن هادي سيواجه عند بدء مهمته رئيسا للبلاد تركة ضخمة من الفساد والفوضى.
وقال مصطفى "لست أدري ما إذا كان عبدربه منصور هادي محظوظا أم لا بتوليه الرئاسة خلفا لأكثر رؤساء اليمن إثارة للجدل وأطولهم مدة في الحكم وأعمقهم تجذرا في السلطة وواحدا من أكثر رؤسائه كاريزما وسطوة ودهاء".
وأضاف: "بقدر ما يبدو هادي غير محظوظ نتيجة أنه سيرث تركة صعبة جدا وركاما ضخما من الفوضى والفساد والانهيار الاقتصادي، فإنه بالقدر ذاته يبدو محظوظا بأن أي إنجاز سيحققه على صعيد إعادة بناء الدولة وإرساء الأمن والاستقرار وقيادة البلاد نحو بر الأمان وإقامة الحكم الرشيد وتحجيم الفساد وإطلاق الحريات وتحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي ومعالجة القضيتين الجنوبية والحوثية والتقدم في الحرب على القاعدة كل ذلك سيخلده وسيظهره كمنقذ حقيقي لليمن".
ولد هادي في الأول من مايو 1945 في منطقة الوضيع بمحافظة أبين التي كانت حينئذ جزءا من محمية عدن الخاضعة للاحتلال البريطاني وباتت الآن من معاقل تنظيم القاعدة.
وتخرج من المدرسة العسكرية في اليمن الجنوبي عام 1964 وتابع بعد ذلك دورات تدريبية في بريطانيا وتلقى تدريبا في سلاح المدرعات بمصر وظل هناك إلى أن عاد عام 1970 إلى اليمن الجنوبي التي كانت تعرف باسم جمهورية اليمن الديقراطية الشعبية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي.
ولجأ هادي مع المئات من العسكريين الموالين للرئيس الجنوبي علي ناصر محمد إلى اليمن الشمالي بعد هزيمة محمد في معارك دامية ضد رفاقه في قيادة الدولة والجيش الجنوبي في يناير/كانو ثان 1986 نتيجة صراع على السلطة. (إفي)