استهل الاقتصاد الأمريكي اليوم الاثنين مشواره عقب العودة من عطلة نهاية الأسبوع بإصدار قراءة مؤشر نيويورك الصناعي والخاصة بشهر آب/أغسطس، حيث أشار التقرير إلى أن قطاع الصناعات التحويلية آخذ في الانكماش وإظهار المزيد من بوادر الضعف خلال شهر آب/أغسطس في نيويورك على وجه التحديد.
ويتناول تفاصيل الأخبار فقد شهد مؤشر نيويورك الصناعي انكماشاً خلال آب/أغسطس ليصل إلى -7.72 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -3.75 وبأدنى من التوقعات التي بلغت القراءة الصفرية، وبهذا يكون قطاع الصناعات التحويلية الأمريكي قد فقد فعلاً توازنه في السير بخطى التعافي من الأزمة الأسوأ من الركود منذ الكساد العظيم.
كما أشار التقرير الصادر على هامش المؤشر إلى أن الأسعار المدفوعة انخفضت إلى 28.26 مقابل 43.33، بينما الأسعار المقبوضة فقد انخفضت إلى 2.17 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 5.56، في حين أن الطلبات الصناعية الجديدة انخفضت إلى -7.82 خلال آب/أغسطس مقابل انخفاضها خلال تموز/يوليو إلى -5.45، أما الشحنات فقد ارتفعت إلى 3.01 مقابل 2.22، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاهتمام الأكبر ينصب حول مستويات المخزونات التي انخفضت خلال شهر آب/أغسطس إلى -7.61 مقابل القراءة السابقة التي بلغت -5.56، أما بالنسبة إلى أعداد الموظفين فقد ارتفعت لتصل إلى 3.26 خلال آب/أغسطس مقابل 1.11.
وبهذا يكون الاقتصاد الأمريكي يواصل الإفصاح عن المزيد من البيانات السيئة والتي تشكل في الوقت الحالي سلاح ذو حدين، فهي من جهة تؤكد على تباطؤ عجلة النمو في الاقتصاد الأمريكي تماماً كما أكد البنك الفدرالي الأمريكي على لسان رئيسه بن برنانكي، إلا أنها تؤكد من جهة أخرى على اقتراب إعلان البنك الفدرالي الأمريكي عن جولة ثالثة من خطط النخفيف الكمي، وذلك إن ما واصل الاقتصاد الأمريكي إظهار المزيد من الضعف حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي 2011.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن البيانات التي تصدر عن الاقتصاد الأمريكي تظهر ضعف الاقتصاد بالمجمل، علماً بأننا حالياً في ثاني أشهر الربع الثالث من العام الجاري، وفي النصف الثاني من العام 2011، الأمر الذي يجافي صحة كلام البنك الفدرالي الأمريكي حول تسارع معدلات النمو في الاقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من العام الجاري، إلا أنه من المبكر قول ذلك، فلم يمضِ بعد على دخولنا في النصف الثاني من العام 2011 سوى شهر ونصف الشهر فقط.
ومن ناحية أخرى فقد صدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر صافي التدفقات النقدية عن شهر حزيران/يونيو والذي أشار إلى فائض بأدنى من التوقعات، وذلك تبعاً لتباطؤ النشاطات الاقتصادية في الآونة الأخيرة، هذا إلى جانب ارتفاع الأسهم والتي شهدت قفزة نوعية خلال حزيران/يونيو، حيث ارتفع صافي التفقات النقدية طويلة الأمد بمقدار 3.7 مليار دولار فقط مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 23.6 مليار دولار، وبأسوأ من التوقعات التي بلغت 35.0 مليار دولار.
أما بالنسبة لمجمل التفقات النقدية الأمريكية فقد انخفضت خلال الشهر نفسه بقيمة 29.5 مليار دولار أمريكي مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت انخفاضاً بقيمة 67.5 مليار دولار والتي تم تعديلها إلى -48.8 مليار دولار، الأمر الذي يزيد من الضغوط التي تقع على عاتق الدولار الأمريكي باعتباره عملة احتياطي العالم، ناهيك عن مسألة الأموال الطائلة التي أسهمت في ارتفاع الدين الأمريكي، الأمر الذي دعا الصين مؤخراً إلى الدعوة إلى إيجاد عملة احتياطي عالمي غير الدولار الأمريكي لضمان استقرار الأسواق.
وفي النهاية فعلى ما يبدو بأن الاقتصاد الأمريكي بحاجة المزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار التام من تبعات الأزمة المالية الأسوأ منذ عقود، حيث أن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ ما يزيد عن ربع قرن، ومن المتوقع أن تبقى كذلك مع نهاية العام الحالي، لذا يزال الاقتصاد أو قطاع العمالة بحاجة إلى دعم الحكومة لتحقيق الاستقرار وتمكين الاقتصاد من تسجيل معدلات نمو عالية وذلك وسط التحديات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي، مثل ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري ومعدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان.