أسدل الاقتصاد الأمريكي الستار عن بيانات قطاع الصناعة إلى جانب تقرير مبيعات التجزئة، والمثير للجدل أن التباين كان واضحاً على نتائج التقريران، حيث جاء مؤشر نيويورك الصناعي مظهراً تباطؤ في الأداء الصناعي خلال نيسان/ ابريل وبأسوأ من التوقعات، في حين أن مبيعات التجزئة واصلت الارتفاع ضمن وتيرة معتدلة خلال آذار/ مارس وبأفضل من التوقعات.
بداية وبالحديث عن قطاع الصناعة الأمريكي، فقد صدر اليوم مؤشر نيويورك الصناعي لتأتي القراءة منخفضة إلى 6.56 خلال شهر نيسان/ ابريل الجاري مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 20.21 خلال آذار/ مارس وبأسوأ من التوقعات التي بلغت 18.00، واضعين بعين الاعتبار أن قراءة المؤشر خلال الشهر الجاري تعد الأسوأ منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر للعام 2011.
بالنظر إلى تفاصيل التقرير الصادر نجد بأن الأسعار المدفوعة انخفضت دون حد التوسّع لتصل خلال نيسان/ ابريل إلى 45.78 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 50.62، أما الأسعار المقبوضة فقد ارتفعت إلى 19.28 مقابل 13.58، كما وانخفضت الشحنات خلال الشهر الجاري إلى 6.41 مقارنة بالقراءة السابقة عند 18.21، ذلك مع العلم أن معدل العمالة ارتفع في نفس الشهر إلى 19.28 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 13.58.
قطاع الصناعة الأمريكي عزيزي القارئ يعد أحد أبرز القطاعات الأمريكية توسعاً، ولكن القراءة التي صدرت اليوم أثبتت بأن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة بشكل عام وقطاع الصناعة بشكل خاص سيلزمه مزيداً من الوقت لإظهار بوادر التعافي الأكثر وضوحاً، مشيرين إلى أن معظم التقارير التي صدرت مؤخراً أشارت بأن الأوضاع في حالة متباينة بين التباطؤ النسبي والتوسع ضمن وتيرة معتدلة.
ويجب أن لا نغفل عزيزي القارئ بأن التعثّر النسبي الذي طرأ على الاقتصاد الصيني والأوروبي له أثر كبير على أنشطة الاقتصاد الأمريكي الصناعية، واضعين بعين الاعتبار أن الصين كانت قد أظهرت تباطؤاً في نموها خلال الربع الأول من العام الجاري بأسوأ من التوقعات، ناهيك عن انكماش الاقتصاد الأوروبي خلال الربع الرابع من العام الماضي، وهذا ما يؤثر على البيئة الصناعية في كبرى اقتصاديات العالم.
وبالانتقال إلى تقرير مبيعات التجزئة الأمريكية فقد ارتفعت القراءة خلال شهر آذار/ مارس بنسبة 0.8% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.1% والتي تم تعديلها إلى 1.0% ولكن بأعلى من التوقعات التي بلغت 0.3%، وباستبعاد المواصلات لشهر آذار فقد جاءت المبيعات مرتفعة بنسبة 0.8% مقارنة بنسبة 0.9% في القراءة السابقة لشهر شباط، و بذلك تعد القراءة الحالية أيضاً أعلى من توقعات المحللين التي أشارت لنسبة 0.6%.
في حين جاءت قراءة مبيعات التجزئة عدا المواصلات و الوقود لشهر آذار بنسبة 0.7% مقارنة بنسبة 0.6% في القراءة السابقة لشهر شباط، و بذلك تعد القراءة الحالية أفضل من توقعات المحللين التي أشارت لنسبة 0.5%.
وهذا ما يشير بأن ارتفاع أسعار الطاقة لم تؤثر بالشكل الكبير على مستويات الطلب أو على إنفاق المستهلكين، ولكن نرى بأن المبيعات لم ترتفع بأفضل من الشهر الماضي، وهذا ما يؤكد ما أشرنا إليه أعلاه، الأوضاع لم تصل بر الأمان والمياه لم تعد إلى مجاريها بشكل نهائي، فالطريق لا تزال طويلة أمام الاقتصاد وأنشطته.
وهنا يجب أن نتطرّق إلى ما أشار إليه ويليام دودلي - رئيس بنك نيويورك الفدرالي - خلال الأسبوع الماضي، حيث قال بأن البيانات التي صدرت عن قطاع العمالة الأمريكي خلال شهر آذار/ مارس أثبتت بأنه من المبكر جداً الحكم على أن القطاع تخطّى الأزمة بشكل كامل وأن الاقتصاد الأمريكي تجاوز الصعوبات بشكل نهائي.
كما وأوضح دودلي بأن الفدرالي الأمريكي سيراقب البيانات عن كثب لتحديد ما إذا كان تقرير الشهر الماضي والذي أظهر بأن الاقتصاد أضاف وظائف بأدنى من التوقعات كان مجرد نكسة عرضية أم هي دليل على أن مشوار تعافي قطاع العمالة لا يزال طويلاً.
في حين وبالعودة إلى أجندة البيانات الرئيسية الصادرة نجد بأن صافي مجمل التدفقات النقدية ارتفعت خلال شباط/ فبراير بشكل كبير لتصل إلى 107.7 مليار دولار أمريكي مقابل 18.8 مليار والتي تم تعديلها إلى 3.1 مليار دولار أمريكي وبأفضل من التوقعات عند 30.0 مليار دولار، بينما تراجع صافي التدفقات النقدية طويلة الأمد خلال الشهر نفسه إلى 10.1 مليار دولار مقابل 102.4 مليار دولار وبأسوأ من التوقعات عند 40.0 مليار دولار.
واضعين بعين الاعتبار أن أزمة الديون الأوروبية لها دور كبير في هذه التدفقات، وذلك بين القلق والأمل بخصوص حلّها، وحقن التخدير التي يتقاها الاقتصاد من صانعي القرار لحل هذه الأزمة التي أثقلت كاهل مستويات الثقة عالمياً، وبالتالي فقد تأثرت التدفقات النقدية الأمريكية من هذه التداعيات...