من شادي بشرى
الخرطوم (رويترز) - عندما اندلعت انتفاضات الربيع العربي قبل أربعة أعوام اعتقد بدر الدين محمد أخيرا أن الكثير من السودانيين سينضمون له في الدعوة لبديل للرئيس عمر حسن البشير الذي دخل عامه الخامس والعشرين في السلطة.
لكن آمال الناشط البالغ من العمر 25 عاما تبددت هذا الأسبوع فيما يبدو إذ من المرجح أن يعاد انتخاب البشير في الانتخابات الوطنية وبعد أن شنت قوات الأمن حملة أمنية ضد الحركات الاحتجاجية وأحزاب المعارضة ووسائل الإعلام.
وقال "بعد السلام مع الجنوب في 2005 وخلال الربيع العربي كنا نلقي خطبا في الخارج ونجتمع في الحرم (الجامعي).. لكننا الآن نجتمع في الظلام في المنزل. الأمور تغيرت."
وقاطعت معظم أحزاب المعارضة الكبرى في السودان انتخابات الرئاسة والبرلمان التي أجريت بين 13 و16 أبريل نيسان الجاري قائلة إن الحكومة تواصل احتجازهم ومضايقتهم رغم وعود البشير العام الماضي بالسماح لهم بالمزيد من الحريات السياسية.
وانسحب مرشحان رئاسيان على الأقل معللين ذلك بتجاوزات في عملية الاقتراع.
ونتيجة لذلك يقول منتقدون للحكومة إن الناخبين لم يجدوا أمامهم بدائل ممكنة للبشير وحزبه المؤتمر الوطني الحاكم.
ويقول نشطاء إن رغبة الرأي العام في التصويت استنزفت بسبب تحذيرات الحكومة من أن البلاد قد تسقط في الفوضى تحت قيادة جديدة. وتحارب الحكومة مقاتلين في الأراضي الغربية في دارفور وعلى طول الحدود مع جنوب السودان.
وقال صلاح أحمد (25 عاما) وهو عضو في حركة "قرفنا" التي ينتمي لها محمد إن الحركة فقدت أعضاء لأسباب منها أن "الحكومة زرعت في أذهان الناس أنه إذا غادر البشير السلطة أو إذا تحركنا خطوة واحدة نحو الديمقراطية فستنهار البلاد."
وخلف أكواب الشاي والسجائر على ضفاف نهر النيل في الخرطوم يناقش نشطاء شبان لم يعرفوا في حياتهم رئيسا آخر غير البشير كيف أجبرتهم القيود المشددة على الإعلام والمعارضة قبل الانتخابات على التكيف.
وفي ظل اعتقادهم أن من الخطر إلقاء خطب عامة لجأ هؤلاء الشبان إلى الرسم والكتابة على الجدران (الجرافيتي) ووزعوا منشورات في أواخر الليل يدعون فيها الشعب السوداني لمقاطعة "انتخابات الدم".
*صعبة لكن سلمية
في أعقاب موجة التظاهرات والاحتجاجات عبر العالم العربي استطاع السودان أن يتفادى انتفاضة كبرى رغم خفض الدعم عن الوقود الذي فجر احتجاجات في 2012 و2013.
وشنت قوات الأمن حملة ضد حركة الاحتجاجات المتفاوتة والتي سرعات ما فقدت زخمها. ونادرا الآن ما يشاهد السوار البرتقالي الذي يعبر عن التأييد لحركة "قرفنا" في حرم الجامعات في بلد أكثر من 60 في المئة من سكانه تحت سن 24 عاما.
لكن أحمد يقول إن حركته لا تزال تريد أن تظهر للناس أن معدل التضخم والبطالة المرتفعين هما بسبب سياسات الحكومة.
وقال "عندها نستطيع حملهم على النزول للشوارع."
لكن حمل الناخبين المسجلين في البلاد وعددهم 13 مليون ناخب على الذهاب إلى صناديق الاقتراع كان أمرا صعبا. وقال رئيس بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأفريقي إن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت بين 30 و 35 في المئة.
ومن المتوقع صدور النتائج في وقت لاحق هذا الشهر.
ويقول نشطاء إن الإقبال الضعيف على المشاركة يظهر أن الناخبين يشعرون بأنهم ليس لديهم خيار حقيقي. لكن كثيرا من الناخبين قالوا إنهم يفضلون الاستقرار على احتمال أن يندلع العنف مثلما حدث في مصر واليمن وسوريا.
وقالت آمنة حسن وهي صيدلية عمرها 35 في محطة للحافلات في مدينة أم درمان عبر النهر من الخرطوم "نتظاهر ليه؟ عملناها قبل كدا (ذلك)وما طلعنا بشي... الوضع هنا صعب لكن في أمن. نحن ما عايزين الربيع العربي هنا."