من معيان لوبيل
كفر قاسم (إسرائيل) (رويترز) - تستعد إسرائيل لإقرار واحد من اكثر قوانينها إثارة للانقسام على مدى تاريخها الممتد منذ 66 عاما وهو مشروع قانون سيعلن إسرائيل دولة للشعب اليهودي فقط ويزيد من غضب الأقلية العربية.
ويهدد التشاحن السياسي حول مشروع القانون بانهيار الحكومة الائتلافية بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقد يكون للتشريع تداعيات عملية بعيدة الأمد على الديمقراطية الإسرائيلية والمنظومة القانونية. وينظر إلى التشريع على انه يمثل تقويضا للمساواة من خلال التمييز بين المواطنين اليهود وغير اليهود في ترسيخ بعض الحقوق الرمزية للشعب اليهودي.
ويقول نتنياهو والسياسيون اليمينيون الاخرون الذين يدعمون القانون إنه ضروري لحماية هوية إسرائيل ضد الذين يشككون في حقها في الوجود.
ويقول بعض المعلقين إن نتنياهو يسعى حاليا لاجتذاب دائرة أساسية من الناخبين اليمينيين الذين باتوا يؤيدون أحزاب اليمين المتشدد في ائتلافه الهش بالفعل وذلك تحسبا لاحتمال اجراء انتخابات مبكرة العام القادم إذا اتسعت الخلافات داخل الحكومة.
ويقول تيار الوسط في حكومته إن التشريع غير ضروري موضحين إن اعلان الاستقلال عام 1948 هو بالفعل اعلان لقيام دولة يهودية. ويتهمون نتنياهو باسترضاء المتشددين في حزبه ليكود.
وقال نتنياهو يوم الأحد خلال اجتماع لمجلس وزرائه "هناك كثيرون يتحدون شخصية إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.. الفلسطينيون يرفضون الاعتراف بهذا وثمة معارضة أيضا من الداخل."
ويقول الفلسطينيون إن اقرار دعوة نتنياهو قد يحرم اللاجئين الفلسطينيين من أي حق للعودة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الثلاثاء "الحديث عن دولة قومية يضع العراقيل في طريق السلام..هذا الحديث مرفوض ويلقى معارضة عنيفة داخل الحكومة والكنيست الإسرائيليتين ولدى الشعب الإسرائيلي."
وكانت الحكومة الإسرائيلية أقرت مشروع القانون يوم الأحد لكن المشاحنات السياسية أرجأت لمدة أسبوع -إلى الأربعاء القادم- اجراء تصويت أولي للتصديق عليه في الكنيست.
ويتعهد نتنياهو في مسودته لمشروع القانون "بدعم الحقوق الفردية لكل مواطني إسرائيل". وتجرى حاليا مناقشة نسختين اخريين ولم يتم الاتفاق بعد على الصيغة النهائية للمشروع.
لكن مشروع القانون يقول ايضا أن الشعب اليهودي فقط هو الذي يمتلك "الحقوق القومية" وهي الحق في تقرير المصير في إسرائيل وفي العلم والنشيد الوطني وحرية الهجرة. وتقضي مسودة اقترحها عضو بالكنيست من حزب ليكون بالغاء العربية كإحدى اللغات الرسمية للدولة.
وقال جمال زحالقة وهو عضو عربي بالكنيست الإسرائيلي "بهذا القانون ستكون الدولة أقل ديمقراطية وأكثر عنصرية."
ويمثل عرب إسرائيل 20 في المئة من السكان البالغ عددهم 8.2 مليون نسمة. ويشكو العرب منذ فترة طويلة من معاملتهم كمواطنين درجة ثانية. وقال مردخاي كريمنتزر استاذ القانون بمعهد إسرائيل للديمقراطية إن مشروع القانون قد يفتح باب المحاكم أمام التمييز.
وأضاف "قد يفهم القضاة من مشروع القانون هذا أن الأساس اليهودي يتجاوز الأساس الديمقراطي ويستلهم منه الاضرار بالحقوق المتساوية المكفولة لكل المواطنين بما في ذلك الأقليات."
وفي بلدة كفر قاسم العربية التي يرتاد اليهود الإسرائيليون متاجرها وورشها ذات اللافتات المكتوبة باللغتين العربية والعبرية اتحد السكان ضد مشروع القانون. ويطلق بعض السكان على انفسهم عرب إسرائيل أو مواطنين فلسطينيين في إسرائيل.
وقالت رشا وهي مدرسة (27 عاما) وأم لاثنين اثناء تجولها في السوق المحلي "هذا بلدنا ..أرضنا..اسرائيل ديمقراطية لليهود فقط وليس للعرب."
وقال ابراهيم عيسى (68 عاما) بينما كان جالسا أمام مسجد اثناء رفع الاذان للصلاة "إسرائيل دولة قوية. ما الذي يجعلها تحتاج إلى كل هذا؟ ممن يخشون؟ العرب الإسرائيليين؟"
ويأتي الجدال في وقت تتزايد فيه حدة التوتر في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة والقدس حيث فجر نزاع يتعلق بدخول الحرم القدسي احتجاجات فلسطينية وهجمات قاتلة على اليهود.
وتصاعدت وتيرة العنف في القدس منذ يونيو حزيران عندما خطفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ثلاثة شبان إسرائيليين وقتلتهم في الضفة الغربية مما أدى إلى قيام يهود بقتل صبي فلسطيني.
وقالت عيليت شاكيد العضو بالكنيست من حزب البيت اليهودي اليميني المتشدد إن القانون المقترح لن يضر بحقوق الاقليات. وأضافت أنه ضروري لضمان ان تكون احكام المحكمة العليا متوازنة. وغالبا ما ينتقد الجناح اليميني المحكمة ويتهمها بانها تميل لليسار.
وقالت شاكيد التي شاركت في اعداد احدى المسودات إنه فور اعتماد وضع إسرائيل بانها دولة قومية لليهود فسيكون بمقدور المحكمة وضع القيم اليهودية والاعتبارات القومية في الاعتبار خلال اصدار الأحكام.
وأضافت "عندما تقضي المحكمة العليا بدستورية قانون أو عدم دستوريته حاليا فانها تستند إلى أساس ديمقراطي.. ليس لها أساس يهودي في خزانتها القانونية."
وقال الحاخام مايكل ميلكيور وهو وزير سابق بالحكومة من حزب العمل إن القانون سيشوه كلا من طبيعة إسرائيل اليهودية والديمقراطية. وأضاف "انه واحد من اسوأ الأشياء التي اتخذت على الاطلاق في إسرائيل."
(إعداد حسن عمار للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)