تتقدّم أسعار الذهب في الدورة الآسيوية مع تداوله فوق مستوى المقاومة الفنّي الرئيسي القائم عند 1305$. جاء هذا التحرّك الصعودي في أعقاب ردّة الفعل الإستثنائية أزاء تقرير الوظائف الأميركية المتوافرة خارج القطاع الزراعي الذي صدر يوم الجمعة والذي دفع الذهب الى تسجيل أكبر نسبة مكاسب منذ الرابع من أبريل. هذا ومن المحتمل أن تحقق المعادن الثمينة المزيد من الأرباح وسط مواصلة الدولارالأميركي تراجعه قبيل صدور أرقام ISM الخدماتية الأميركية وشهادة رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين. في غضون ذلك، لا تزال المعادن الأساسية ضعيفة أزاء البيانات الاقتصادية الصينية المخيّبة للآمال وسط كثافة التقارير المرتقبة هذا الأسبوع على جدول العملاق الشرق آسيوي.
تسارع أسعار الذهب صعودًا على الرغم من المفاجأة الصعودية التي طرأت على تقرير الوظائف المتوافرة خارج القطاع الزراعي
كما أوردنا في تقرير السلع ليوم الجمعة، عادة ما يختبر الذهب تذبذبات ملحوظة نتيجة التقرير الشهري للوظائف الأميركية. تاريخيًا، كانت المفاجآت الصعودية السابقة تؤدّي الى ارتفاع الدولار الأميركي وانخفاض أسعار الذهب، وذلك على الأرجح بسبب توقعات اعتماد بنك الاحتياطي الفدرالي سياسة أقلّ حذرًا. مع ذلك، وعلى الرغم من تجاوز قراءة أبريل التي بلغت 288 ألف توقعات تسجيلها 215 ألف، تسارع الذهب صعودًا بأكبر قدر له في أكثر من شهر. في هذا الصدد، يظهر الرسم البياني أدناه ردود الفعل غير الإعتيادية التي تبيّن نسبة التغيير التي شهدتها السلعة في غضون ستّ ساعات من نشر تقرير العمل الأميركي في المرّات الثلاث عشر السابقة.
يظهر الرسم البياني اليومي لمؤشر الدولار المضاف إليه الذهب (XAU/USD) أنّ ردود فعل الأسعار الأوّلية كانت كالمتوقّع؛ فقد تقدّم الدولار الأميركي وانخفض المعدن الأصفر، ولكن سرعان ما انعكس هذا المسار في وقت لاحق من الدورة.
هبوط الدولار الأميركي يجعل أسعار الذهب يتنفس الصعداء
تستمدّ أسعار الذهب انتعاشها المستمرّ من مصدرين على الأرجح: تصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية وضعف الأخضر. من الممكن أن يعزى استمرار نضال الدولار الأميركي لإستجماع الزخم خلال الأشهر القليلة الماضية الى المستويات المتدنّية لعائدات السندات الأميركية المستحقّة في عشرة أعوام. يدفع هذا الأمر التّجار الى تقدير حفاظ بنك الاحتياطي الفدرالي على سياسة ملائمة للغاية خلال الأجل القريب، على الرغم من التحسّن الأخير الذي تختبره سوق العمل في الولايات المتّحدة.
الى حين اتّخاذ ساسة مجلس الاحتياطي الفدرالي موقف متفائل أكثر أزاء معدّلات الإقتراض، من المحتمل أن تبقى عائدات السندات ذات فترات الإستحقاق الطويلة متدنّية، الأمر الذي يبقي الضغوطات قائمة على الدولار الأميركي ويسمح للذهب بتوسيع دائرة انتعاشه. يسلّط ذلك الأضواء على شهادة رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين أمام اللّجنة الاقتصادية المشتركة للكونغرس في وقت لاحق من هذا الأسبوع. سيرصد تجّار الذهب عن كثب أي كلمة تصدر على لسان يلين، نظرًا الى إشارتها في وقت سابق الى إمكانية لجوء المصرف المركزي الى زيادة معدّلات الفائدة في غضون ستّة أشهر من اختتام برنامج التيسير الكمّي.
وكما ذكرنا آنفًا، لا تزال المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن التوترات القائمة في أوروبا الشرقية تشكّل اعتبارًا هامًا بالنسبة الى المعادن الثمينة. إنّ تصاعد وتيرة الإضطرابات في المنطقة بين أوكرانيا وروسيا ساهم في تعزيز طلبات الملاذ الآمن على الذهب والفضّة أوائل أبريل. مع ذلك، من المحتمل أن يعمد المستثمرون الى الخروج من بعض المواقع التي تمّ دخولها نتيجة الخوف في غياب أي تجدّد للتوترات او اعتماد الغرب موقف أكثر تشدّدًا أزاء روسيا.
من المرجّح أن توفر أي قراءة ضعيفة لمقياس القطاع الخدماتي الأميركي الدعم لأسعار الذهب
تتصدّر الجدول الاقتصادي في ساعات التداول الأميركية قراءة مؤشر ISM غير التصنيعي الأميركي، الذي من المتوقع أن يتقدّم الى 54.0. وفي حين تعتبر القراءات التي تتجاوز مستوى 50 ضمن منطقة "توسّعية"، يتداول مقياس قوّة القطاع على انخفاض منذ أواخر العام 2013. في هذا الصدد، إنّ أي مفاجأة هبوطية ستدعم استمرار اتّباع بنك الاحتياطي الفدرالي سياسة ملائمة للغاية، الأمر الذي يعزّز بدوره الضغوطات على الدولار الأميركي ويسمح للذهب التمسّك بأرباحه المحققة في الآونة الأخيرة. كما ستشير القراءة الضعيفة الى تدنّي الطلبات على النفط الخام في الولايات المتّحدة، لتبقى بذلك أسعار خام غرب تكساس الوسيط دون مستوى 100$ للبرميل الواحد.