المسألتان الرئيسيتان بالنسبة الى مراقبي الدولار موقف الاحتياطي الفدرالي من توقعات المعدّلات وشهية الملاذات الآمنة- وفرتا للأخضر بعض العروض الأساسية في الأسبوع السابق. ومع ذلك، تماسك الدولار بشكل جيّد. على الرغم من ذلك، من المستبعد أن يدوم للأبد مثل هذا الإستقرار في خضمّ الأوضاع غير المؤاتية. في الشهر والنصف الفائتين، شهدت العملة انعكاسًا من تصاعد ملحوظ للإتّجاه الهبوطي وبالتالي حققت مكاسب هائلة. مع ذلك، ومن دون اساسيات تدعم التحرّك، من الممكن ان ينهار محفز المضاربة على نفسه بكلّ سهولة.
في حال أردنا الدلالة على المؤشرات المستعملة لقياس المسائل الأساسية الرئيسية، سيبدو وكأنّ القلق الأساسي الأكبر الذي يعترض الدولار يتمثّل بتدنّي شعور الخوف في النظام المالي. فقد هوى مؤشر التذبذبات VIX المبنيّ على أس اند بي 500 بشكل حادّ عقب الإرتفاع الأخير الذي سجّله في الأسابيع السابقة. لم يكن هذا الخطر المتدنّي فريدًا بالنسبة الى الأسهم، بيد أنّ التراجع كان اكثر اعتدالاً على صعيد فئات الأصول كالفوركس والمعدّلات. ما يثير للإهتمام مع ذلك انّ الدولار لم يعاني بشكل ملحوظ من إعادة التوازن هذا. يعزى ذلك على الأرجح الى عدم اعتماد تقدّم العملة على وجه الخصوص على التفاقم في المرتبة الأولى. تعتبر عملة الإحتياطي بمثابة ملاذ للسيولة.
علاوة على ذلك، تواصل الإتّجاهات الكامنة ارتفاعها. على صعيد المواقع في أسواق رؤوس الأموال، نرى أيضًا تكتّم حول العودة الى المستوى نفسه من التعرّض. فمؤشرات الأسهم الأميركية (أس أند بي 500 والداو) هي بطيئة لكي تعود الى الذروات التاريخية، بينما المعايير الأوروبية لم تحقق انتعاشًا مقنعًا في إطار مختلف، تبدّدت واحدة من أكثر تجارات المضاربة القريبة الأجل شعبية- بيع ارتفاعات التذبذبات من خلال صناديق التحوّط والعقود الاجلة والأوبشينز.
في حين يمكن لإتّجاهات المخاطر التغلّب على جميع المسائل الأخرى عندما تكون ناشطة، من المحتمل أن يجد الدولار محرّكًا ناشطًا في توقعات معدّلات الفائدة. في الأسبوع السابق، البيانات المتعلّقة بتخمينات السياسة كان ضئيلة. مع ذلك، برزت بعض آراء الاحتياطي الفدرالي التي أظهرت أنّ النقاش حول الحوافز ومعدّلات الفائدة هو مثير للجدل بشكل كبير في صفوف مجلس الاحتياطي الفدرالي. فقد أشار كوشيرلاكوتا الى أنّ الاقتصاد لا يزال بعيدًا عن أهداف السياسة ومن غير المضمون زيادة المعدّلات خلال الأجل القريب. في المقابل، وكتعارض مباشر، صرّح بولارد أنهم باتوا على شفير بلوغ اهداف العمالة والتضخم، ليتوقّع رفع المعدّلات في النصف الأوّل من العام القادم.
وفقًا للخبراء الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع رأي رويترز وبلومبرغ، لا يزال توقيت زيادة معدّلات الفائدة مرجّح قرابة منتصف العام 2015. يتشابه ذلك مع الإطار الزمني الخاصّ ببنك الاحتياطي الفدرالي. ومع ذلك، تواصل الأسواق تجاهل تلك التوقعات. هل الأسواق تشكّك فعلاً بتوقيت أوّل زيادة ووتيرتها أم أنّه مجرّد انعكاس لمواقع المضاربة؟
في الأسبوع القادم، ستتغذى توقعات المعدّلات من حدثين بارزين: مؤشر أسعار المستهلك لشهر يوليو ومنتدى الجاكسون هول. لا يعتبر مؤشر أسعار المستهلك قراءة التضخم المفضّلة لدى المصرف المركزي، ولكنّها تلك التي تبني عليها الأسواق تخميناتها. فالتحسّن سيدفع الدولار الى الإرتفاع ولكنّه لن يولّد اتّجاهًا جديدًا. في المقابل، إنّ انتعاش ضغوطات الأسعار من شأنه إقفال الهوّة بين توقعات السوق وبنك الاحتياطي الفدرالي. علاوة على ذلك، ستولى أهمّية بالغة للحدث الذي يرعاه بنك الاحتياطي الفدرالي في ولاية كانسس سيتي والذي يهدف الى مناقشة المسائل الاقتصادية والنقدية والمالية. يوفر هذا الإجتماع توقعات وآراء صريحة لا نراها عادة في قنوات السياسة العادية. كما من المرتقب أن تدلي الرئيسة جانيت يلين بخطاب لها، بيد أنّ نبرتها قد تحمل أيضًا الكثير من الأهمّية بالنسبة الى اتّجاه المستثمرين العامّ.