التريّث وجمود النشاط يهيمنان على التجار في أسواق الفوركس ورؤوس الأموال. الإستقرار هو شيء واحد، بيد أنّ الهدوء الذي يخيّم في الوقت الحالي على الأسواق يحمل بصمات رضا استثنائية وانعكاس محتوم نحو الطرف المعاكس. ونظرًا الى ميول الأسواق وعملية تحديد مواقعها على مرّ الأعوام، السيناريو الذي يمتلك الفرص الأوفر هو تجدّد نفور المخاطر على نطاق واسع والخروج من بعض المواقع المفتوحة. سيصبّ هذا الأمر لصالح الأخضر بما أنّه يستعيد دوره كملاذ آمن تحت الضغط. ولكن حتّى في ظلّ انتظارنا الى حين تبلور ذلك، ثمّة عدد من الأحداث الاقتصادية الأميركية التي ستبقي الدولار منشغلاً بما فيها قرار فائدة مجلس الاحتياطي الفدرالي وأرقام الناتج المحلي الإجمالي للفصل الأوّل، الى جانب تقرير الوظائف المتوافرة خارج القطاع الزراعي لشهر أبريل.
مع البدء دائمًا بالمسألة الأساسية التي تتمتّع بقدرة التأثير الأكبر في السوق، تشكّل اتّجاهات المخاطر الإعتبار الأوّل عند التداول هذا الأسبوع. تدهورت في الأسبوع الفائت مستويات الأنشطة التي كانت متدنّية فعلاً وسط شحّ السيولة نتيجة الأعياد ولم تنجح أبدًا في الإنتعاش. في الوقت الراهن، وفي ظلّ اتّجاهات سوق رؤوس الأموال الناضجة والمستويات المتدنّية للغاية للتذبذبات ومعدّل المشاركة، نجد بعض التدابير المفرطة بحيث مشاعر الرضا لم تعد خيارًا. لربّما يتمثّل التدبير الصارخ أكثر بالتذبذبات. وفي حين يشهد مؤشر VIX المستند الى الأسهم استقرارًا منذ بداية الشهر، هوى نظيره المستند الى العملة بنسبة 20% إضافية (الى 5.73%) وصولاً الى أدنى مستوى له في سبعة أعوام.
بات انتظار اختبار اتّجاهات المخاطر ارتدادًا أمرًا محبطًا. سواء صعودي أو هبوطي، بإمكان الإتّجاه استقطاب انتباه السوق وتوليد مسارًا ملحوظًا. بالعودة الى الوراء، كانت هنالك بعض المحاولات لإعادة إحياء التفاؤل، بيد أنّ ظروف المشاركة والتعرّض أدّت الى موت هذا التحرّك. يشير ذلك الى أنّه بغية توليد تحرّك مستدام يولّد اتّجاهًا في السوق، يجب على الأرجح تقليص التعرّض للمخاطر.
في سجّلات الأحداث التي تبلورت على مرّ التاريخ، الحدود القصوى الأكبر هي عادة تكون أوّل من ينعكس. في حال صحّ ذلك على صعيد اتّجاهات المخاطر، من المحتمل أن تشكّل الظروف الراهنة لمقاييس أنشطة الفوركس محفزًا لبروز تغيير منهجي أكثر. إنّ أي تزايد للأنشطة في السوق سيصبّ لصالح الدولار- بما أنّ التذبذبات مرتبطة بالمخاوف المحيطة بالأمان- بيد أنّ المحرّك الأكثر موثوقية للعملة سيكون بنشوء موجة من نفور المخاطر في صفوف فئات الأصول ونوعية المستثمرين. الجدول الاقتصادي الأميركي لهذا الأسبوع قد يحمل في طيّاته خطوة مماثلة.
في ظلّ الظروف الطبيعية، إنّ توقعات إصدار رئيسي أو حدث من شأنه تغيير شروط الإستثمار بشكل ملموس غالبًا ما تشجّع صفوف التداول للتريّث والترقّب. الجدول المقرّر لهذا الأسبوع حافل، بيد أنّ الأسواق من المستبعد أن تتردّد في حال تطابق حدث الأربعاء مع التقديرات السائدة. عقب صدور بيانات المنازل الأميركية ومسح الثقة، ستتبلور الأحداث الأبرز يوم الأربعاء مع نشر تقرير النمو للفصل الأوّل (الناتج المحلي الإجمالي للفصل الأوّل) عند الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش وقرار فائدة مجلس الاحتياطي في تمام الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش.
على صعيد التأثير الأساسي، يوفر هذان المؤشران نظرة واضحة حول العافية الاقتصادية لأكبر اقتصاد في العالم ومساعدة السياسة النقدية التي يتلقاها. حتّى في حال فشلا في تحفيز المناخ الخالي من المخاطر، سيواصلان التأثير بشكل ملحوظ على توقعات معدّلات الفائدة- المسألة الأخرى المهيمنة بالنسبة الى الدولار. في الأسبوع السابق، استعادت عائدات سندات الخزانة المتوسّطة الأجل تراجعها وسط استقرار تقديرات المعدّلات. وكلّما نقترب أكثر فأكثر من أوّل زيادة في المعدّلات، من المحتمل أن يصبح إطارها الزمني أوضح. ومع تبلور هذا الإطار الزمني، سيصبح التّجار أكثر رغبة بوضع الأخضر في صفوف توقعات المعدّلات مع نظرائه الرئيسيين.