في الأسبوع السابق، واصل اليورو التمتّع بالمناعة التي اكتسبها في أعقاب مفاجأة البنك المركزي الأوروبي بتخفيض معدّلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساسية، وأنهى الأسبوع في المرتبة الثانية من حيث الأداء الأفضل من بعد الفرنك السويسري (-0.44%) في حين اكتسب +2.43% مقابل صاحب الأداء الأسوأ، الدولار الأسترالي. لو كان هنالك أمر واضح، فهو تزايد طلبات المستثمرين على العملات الأوروبية في الأيّام الخمسة الماضية. وعلى صعيد العملات العشر الرئيسية، خمسة منهم حقّق المكاسب مقابل الدولار الأميركي، وهي جميعها عملات من أوروبا (مقابل الدولار الأميركي): اكتسب الفرنك السويسري+0.90% والكرونا السويدي +0.83% والكرونا النرويجي +0.82% والجنيه الاسترليني +0.67% واليورو +0.46%.
بات من الواضح أكثر فأكثر أنّه في غياب أي تدهور إضافي في البيانات، باتت السلبية تخيّم على القارّة الأوروبية. ينبغي أن يكون ذلك بمثابة دليل إيجابي بالنسبة الى اليورو أنّ البلدان التي لا تتداول باليورو تشهد ارتفاعًا في عملاتها.
المكاسب التي تمّ تحقيقها في أوروبا هذا الأسبوع تبدو غير مبهمة حين يتمّ إلقاء الضوء على حقيقة ترك محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفدرالي لشهر أكتوبر مصير إمكانية تقليص التيسير الكمّي في ديسمبر بيد "تحسّن البيانات". وبما انّ الإجتماع انعقد قبل صدور أرقام الوظائف المتوافرة خارج القطاع الزراعي لشهر أكتوبر، من المرجّح للغاية أن نكون شاهدنا تغيير رئيسي على صعيد البيانات لصالح التقليص في ديسمبر بما انّ القراءة فاقت التوقعات بشكل كبير. في حال بدأت تقديرات التقليص تستدجمع الزخم، سيكون من الصعب بالنسبة الى اليورو استمرار تحقيق المكاسب مقابل الدولار الأميركي.
مع ذلك، قد يكون اليورو في صدد مواصلة الإستفادة في أماكن أخرى، كما حصل هذا الأسبوع. تكبّدت العملات المنتمية الى كتلة السلع خسائر فادحة اعتبارًا من أواخر يوم الأربعاء وحتّى إقفال تجارات يوم الجمعة (بفضل بنك الاحتياطي الفدرالي) وبرزت دلائل واضحة على تحوّل اهتمام التجار من العملات ذات العائدات الأعلى الى العملات ذات العائدات المتدنّية.
لم تساهم البيانات الأخيرة وإشارات السياسة التي صدرت عن أوروبا في الأسبوع الفائت في تهدئة التّجار الذي يعوّلون على ارتفاع اليورو. فمن جهة، جاءت أرقام مؤشر مدراء المشتريات في فرنسا ومنطقة اليورو ككلّ ضعيفة وتنامت التخمينات المحيطة بإمكانية لجوء البنك المركزي الأوروبي الى تخفيض معدّل الفائدة الرئيسي وصولاً الى منطقة سلبية. ومن جهة أخرى، تحسّن مؤشر مدراء المشتريات في ألمانيا، وتقدّم مسح IFO وسط دحض رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي فكرة معدّلات الودائع السلبية. فالإشارات السائدة هي إيجابية وسلبية على حدّ سواء ويبدو أنّ البنك المركزي الأوروبي سيحافظ على سياسته دون تغيير خلال اجتماع ديسمبر.
هذا الأسبوع، تشمل المفكّرة الاقتصادية عدد قليل فقط من الأحداث الرئيسية، مع ترقّب حلول عطلة عيد الشكر في الولايات المتّحدة التي ستؤدّي الى شحّ السيولة اعتبارًا من يوم الأربعاء، وستصدّ معدّلات المشاركين في السوق المتدنّية أي ردود فعل أزاء أي من البيانات الاقتصادية. من التقارير الهامّة: بيانات سوق العمل الألمانية لشهر نوفمبر المرتقبة الخميس، والتي يتوقّع أن تشهد استقرارًا على ضوء مسح IFO.
ولكنّ البيانات الأهمّ تتمثّل بقراءات التضخّم في ألمانيا ومنطقة اليورو. عمد البنك المركزي الأوروبي الى تخفيض معدّلات الفائدة في وقت سابق هذا الشهر بعد أن أظهرت أرقام أكتوبر تواجد انكماش في ألمانيا. في حال أظهرت هذه البيانات تحسّن ولو طفيف عقب تراجعها عند بداية الفصل الرابع من العام 2013، من الممكن أن يوسّع اليورو دائرة ارتفاعه ولا سيّما مع حلول الشهر الأخير من العام.