لعل المستثمرين كانوا قد احتسبوا البدء بـ"تقليص" ميزانية البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر/ أيلول، لكن السؤال يظل بخصوص ما إذا كان اليورو سيتمكّن من تعزيز مكاسبه عن المستويات الحالية أم أنّه سيبدأ عملية تصحيح على المدى القصير؟ أنا أعتقد أن الإجابة تكمن في البيانات الأميركية الصادرة هذا الأسبوع. فعندما ننظر إلى سلوك السندات الأميركية، نجد أن الفارق بين عوائد سند السنتين وسند العشر سنوات الأميركي قد تقلص منذ 7 يوليو/ تمّوز وهو يقف عند مستوى 0.83 نقطة أساس، وهذا لا يشكّل خبراً سارّاً بالنسبة للدولار. ورغم أن جزءاً من تسطّح منحنى العائد يمكن أن يُفسّر بأنه ناجم عن التوترات الجيوسياسية الحاصلة مؤخراً والارتفاع الكبير في تقلبات أسواق الأسهم، إلا أن توقعات التضخم تظل هي العامل الأساسي الذي يسهم في تسطّح منحنى العائد. وإذا ظلت توقعات التضخم ضعيفة، فإن الفدرالي قد يجد صعوبة في تشديد سياسته النقدية بالوتيرة المرغوبة. وهذا هو السبب الذي يجعل نمو الأجور في أميركا أهم رقم يجب أن نراقبه يوم الجمعة.
وعلى الأغلب أن تُظهرَ بيانات الوظائف غير الزراعية الأميركية يوم الجمعة تباطؤاً في وتيرة خلق الوظائف. فالأسواق تتوقع أن يسجّل الرقم خلق 180 ألف وظيفة جديدة في أميركا خلال شهر أغسطس/ آب مقارنة مع 209 آلاف وظيفة في يوليو/ تموز و231 ألف وظيفة في يونيو/ حزيران. ورغم التباطؤ المتوقع، إلا أن الأرقام لا تزال تشير إلى وضع صحي، والتركيز الأساسي سينصبّ على نمو الأجور. وكانت الأجور قد سجّلت أرقاماً مخيّبة للآمال منذ شهر أبريل/ نيسان حيث أنها نمت بوتيرة مضطردة بلغت 2.5%. ومن المتوقع أن تسجل ارتفاعاً بواقع 0.1% في أغسطس/ آب، ولكن لكي يصبح منحنى العائد أكثر حدّة، ولإقناع المستثمرين بأننا سنرى رفعاً ثالثاً للفائدة في ديسمبر/ كانون الأول، فإننا بحاجة إلى رؤية المزيد من التسارع في نمو الأجور.