أن تتراجع عملة رئيسية الى أدنى مستوياتها في أربع أشهر فهذا شيء عادي في عمليات التداول في أسواق العملات العالمية , ولكن أن تتراجع هذه العملة وتخسر أكثر من 800 نقطة من قيمتها خلال أسبوعين فقط, هذا تخطى موضوع التصحيح السعري ليصل الى مستويات تتعلق بثقة متراجعة واقتصاد يبدو أنه لا يعمل بالكامل . وصل الجنيه الاسترليني الى مستويات 1.3590 مقابل الدولار الأمريكي اليوم ’ بينما كان عند مستويات 1.4377 قبل أسبوعين تماماً . هناك نقطتين أساسيتين لابد أن نوضحها .
أولاً , ان تراجع الباوند وضعفه ليس هو المعيار الحقيقي لأي قرار لبنك انكلترا برفع الفائدة أو عدمه . معنى ذلك , أن مارك كارني محافظ بنك انكلترا هو فعلاً غير مستاء ربما من هذه التراجعات القاسية لأن هذا التراجع سيخفف من قوة الباوند في حال رفع الفائدة عاجلاً أم آجلاً , وبالتالي هو جيد بشكل عام مقابل اليورو ومقابل الفرنك السويسري , الشركاء الاقتصاديين المهمين جداً لبريطاينيا. كما أن معدلات التضخم البريطانية التي وصلت الى 2.3% على اساس سنوي متراجعة من 2.4% خلال شهر آذار الفائت قد تستفيد مجدداً من هذه التراجعات القاسية وبالتالي قد ترتفع مجدداً .
ثانياً , أثبت لنا هذا التراجع أن الأسواق لطالما كانت في وادي والبنوك المركزية في وادي آخر , المسافة بينهما قد تبتعد في كثير من الأحيان ’ كيف تقرأ الأسواق هذه التقلبات وبين كيف يراها البنك المركزي ؟ في تقرير سابق , قلنا ان كارني هو سيد من يلعب هذه السياسة , لذلك مرة أخرى لايجب بناء استراتيجيات على كلام هذا أو ذاك الا اذا كان مدعوماً بارقام اقتصادية واضحة . خلال شهر آذار الفائت ( الشهر الثالث ) أرقام الصناعة والتصنيع ومبيعات التجزئة البريطانية وأرقام التضخم كلها تراجعت , ولكن هل يكفي هذا للحكم على مستقبل العملة البريطانية ؟ جوابي بالتأكيد لا . لايبني البنك المركزي في أي دولة سياسته على ارقام شهر واحد فقط وبالتالي مايهم بنك انكلترا الأداء الاقتصادي ككل وليس تراجع الباوند القوي خلال الأسبوعين الأخيرين لأن توقعات رفع الفائدة أصلاً كانت قوية . نقطة مهمة قد تفاجئ الكثيرين ’ الأسواق تسعر رفع الفائدة البريطانية الآن بنسبة 16% متراجعة من 96% , رفع الفائدة سيكون الأسبوع القادم 10 الشهر الجاري , ولكن برأيي أن رفع الفائدة يبقى خياراً مفتوحاً . لنراقب تطورات ملف البريكزت .