لن يتوقف الجدل الدائر بشأن قوة الدولار الأمريكي أو ضعفه وقدرته على الاستمرار على الرغم من وصول مؤشرالدولارالأمريكي الى أعلى مستوياته في عام , يتداول حالياً عند 94.65 نقطة. وعلى الرغم من أن الكثيرين يعتمدون على مؤشرات فنية الا أن هذه الأداة الاستثمارية بشكل خاص تخضع للعديد من الجوانب الفنية والأساسية التي تتجاوز مجرد نقاط دعم ومقاومة . هناك سؤالين هامين للغاية:
أولاً , ماسبب هذه القوة للدولار الأمريكي على الرغم من تراجعه بنسبة تفوق 8% العام الفائت ؟
ثانياً , هل ستستمر هذه القوة , وكيف ستؤثر السياسة في البيت الأبيض على هذا المسار ؟
الحق يقال أن الفرق والاختلاف في السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى في العالم يأتي لصالح العوائد على الدولار الأمريكي, مابين فائدة ترتفع تدريجياً بأمريكا ( حالياً عند 2% ) وبين بنوك كبرى ( مركزي أوربي وبنك انكلترا ) لاتفكر حالياً برفع الفائدة , على الأقل ليس قبل سنة او تسعة أشهر على أحسن تقدير . هذا الأداء الممتاز للأقتصاد الأمريكي خلال الستة أِشهر الفائتة ( سوق العمل في على مستوياته منذ أربعة عقود , تضخم وصل الى هدف الفيدرالي عند 2% دون أن يضعف القوة الشرائية للدولار بالنسبة للمستهلك الأمريكي, أسواق الاسكان التي تتابع ارتفاعها , اضافةً الى مؤشرات التصنيع الأمريكية التي تظهر تحسناً بطيئاً لكنه مستمر) , اذاً الاقتصاد الأمريكي في أحسن حالاته منذ أيام كلينتون في التسعينات , وبالتالي ستكون الثقة بشراء الدولار الأمريكي انعكاساً منطقياً للثقة ولارتفاع العوائد. وللأمانة فانه حتى الفيدرالي الأمريكي تفاجأ بهذه الأداء وجعله يرفع من توقعاته للفائدة ( أربع مرات مفترضة هذا العام ) وهذا كان المحرك الأساسي لهذا الارتفاع في الشهرين الأخيرين.
لابد من القول بأن الدولار القوي لايفيد أمريكا في مناوراتها التجارية مع العمالقة الاقتصاديين , اليابان والين الضعيف , اليورو وتراجعه في الشهرين الأخيرين وكذلك الصين التي تشكل التحدي الأكبر لأمريكا سياسياً واقتصادياً. ولكن لابد من توضيح نقطة أن العملة الضعيفة ليست فقط هي الأداة التي ترفع من هامش طرف على حساب طرف آخر, السياسات النقدية والأداء الاقتصادي والقدرة على تحديد أكثر القطاعات تضرراً ايضاً هي عوامل هامة للغاية. نعتقد بأن زخم الدولارا لأمريكي لم ينتهي بعد , على الأقل ليس قبل الربع الأخير أو حتى نهاية العام الجاري مع حدوث تقلبات طبيعية ( تصحيح فني عادي ) . هذا الكلام لاينفي ثقتنا بارتفاع اليورو والاسترليني مجدداً ببناء مستويات تدريجية كما أوضحنا سابقاً, مستفيدين من البدء بتخفيف شراء الأصول الأوربية مع نهاية العام الحالي, وتحسن قدرة بنك انكلترا على رفع الفائدة تدريجياً ربما الصيف الحالي أو قبل نهاية هذا العام .