يعرف الكثير من القرّاء والمتابعين أن قوة الدولار الأمريكي قد تكون مشكلة للاقتصاد العالمي خاصةً اذا ما استمر نزيف الأسواق الناشئة التي هي قادت نمو الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة قبل أن يبدأ زخم الاقتصاد الأمريكي بالارتفاع في السنة ونصف الأخيرة, وطبعاً للأمانة فان قوة الدولار الأمريكي ليست هي المشكلة الوحيدة في هذه الاقتصاديات ولكن هذه القوة ترفع من أعباء ديونها المقومة بالدولار الأمريكي والتي أمنت لهذه الدول مصدراً جيداً للسيولة بعوائد مرتفعة للمستثمرين. ولكن لابد أن نقول بأن ارتفاع مؤشر الدولار هو انعكاس منطقي الى حد ما لسببين , أولاً استمرار زخم رفع الفائدة الأمريكية من قبل الفيدرالي الأمريكي وبالتالي أصبحت أسعار الفائدة هي الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة , وثانياً هذه القوة هي انعكاس للثقة المتزايدة سياسياً واقتصادياً بالادارة الأمريكية على الرغم من الجدل الذي لا ينتهي بشأن سياساتها الداخلية والخارجية . ولكن لنشير الى موضوع هام, ان المقارنة بين المؤشرات تجعلنا ندرك أن مؤشر الدولار الأمريكي ( حالياً عند 94.75 نقطة الأعلى في عام ) يشير بوضوح الى أن شراء السندات الأمريكية المقومة بالدولار الأمريكي هو لصالح ارتفاع العملة الأمريكية بسبب الطلب القوي ’ لكن بالمقابل فان عوائد هذه السندات الأمريكية بقيت تتراجع في وقت توقع الكثير من المراقبين أن تستمر بالارتفاع , السؤال الآن ماذا يفيدنا هذه الكلام ؟ هذه الكلام يعني أن مزيداً من قوة الدولار الأمريكي قد يجلب مزيداً من تراجع عوائد هذه السندات وبالتالي قد تكون الأسواق في بداية مرحلة جديدة من تراجع شهية المخاطرة وحصول تراجع قوي في مؤشرات الأسهم غير مرتبط بعوامل سياسية , هذا أولاً . وثانياً , ان هذه القوة للدولار الأمريكي قد تبقى حالياً بسبب رئيسي له علاقة بزخم الفيدرالي الأمريكي وثقته المتزايدة بقدرته على رفع الفائدة أكثر من ثلاث مرات هذا العام أي أن هذه القوة لن تنعكس في استقرار لمؤشرات الأسهم .
يشير مسار التداولات الحالي لليورو مثلاً أن السوق يقرأ حالياً فشلاً أوربياً في معالجة قضايا سياسية وليست اقتصادية أي غير مرتبطة بقدرة المركزي الأوربي على اتخاذ قرار وهو لطالما نأى بنفسه عن السياسة. هذه السياسة النقدية من غير المتوقع أن تتغير قريباً بمعنى انهاء برنامج شراء الأصول مع نهاية العام الجاري وبقاء معدلات التضخم قريبة من 2% وهو الهدف المعلن للمركزي الأوربي. نعتقد بأن زخم الدولار الأمريكي حالياً ( على الأقل ) سيبقي اليورو تحت الضغط بين مستويات 1.15$ و 1.18$ دون اختراقات قاسية الا اذا فشلت السياسة الأوربية أو حدثت تغييرات سياسية غير متوقعة,هذا في المدى القصير حالياً( ثلاثة أشهر مثلاً) من المتوقع أن يتغير بعد ذلك حيث تبقى الثقة موجودة بقوة في ارتفاع اليورو تدريجياً.