خلال الأسابيع الأخيرة وفي يومياتنا العادية , لم نعد نسمع الا مصطلح الحرب التجارية . سواءً اعترفنا أم لا فان الحرب التجارية تحصل ولكن السؤال الهام , هل تعنينا كل هذه التفاصيل والتعقيدات السياسية والاقتصادية التي لا تنتهي ؟
ببساطة , أعتقد أن الكثير من الأعمال في الأسواق العالمية قد نستطيع انجازها دون اضاعة الوقت بهكذا تعقيدات. هذا لايعني أننا غير متأثرين , ولكن ما أقصده أننا لن نستطيع تغيير شيء ولكن بالامكان الاستفادة منه وفق خططنا واستراتيجتنا . الحرب تحصل الآن وبالتالي نحن متأخرين حالياً , علينا أن نقرأ بين السطور وليس العنوان الرئيسي فقط . وحتى نعطي مثالاً حياً عما يجري , يكفي متابعة أداء الذهب حتى ندرك تماماً أن هذا الذعر التجاري قابل للمرونة , وربما لو لم يحصل هكذا صدام بين الصين وأمريكا لكان الذهب قد وصل مجدداً الى 1200$ بأسرع مما نتوقع , حالياً عند مستويات 1252$ للأونصة . سياسياً هذه السياسات الأمريكية ستعزز من السياسات الحمائية الداخلية لكل دولة, واقتصادياً ستكون هذه الرسوم بداية دق مسمار نعش نمو التجارة العالمية , بمعنى أن العالم سيسير ببطئ ولكن باستمرارية الى الركود بينما ستكون التجارة الدولية متأثرة بقوة سلباً.
عندما حدثت الأزمة المالية العالمية 2008 , لم يكن الذهب قد ارتفع بقوة , كان مايزال عند مستويات 750$ للأونصة ولم يرتفع الا بعد أن اتخذ الفيدرالي الأمريكي قراراً تاريخياً بانقاذ الاقتصاد وبداية التحفيز الكمي , قفز الذهب من بعدها الى مستويات 1920$ في أيلول 2011 , أعلى مستويات تاريخية على الاطلاق , وصلها ولم يعد لها مرة ثانية . المعنى أن الازمة بين الصين وأمريكا ربما لن ترفع الذهب بقوة كما يعتقد الكثيرون. عندما يقول الكثير من المتداولين والمتابعين أن الذهب ملاذ آمن , هذا لايعني أن التداول اليومي للذهب قد لا يخسر, وهذا لايعني أن شراء الذهب في عدة حالات قد لا يخسر بل عل ىالعكس تماماً , لأن الذي اشترى الذهب مثلاً في عام 2013 على مستويات 1600$ للأونصة هو خاسر حالياً , كتداول وصفقات مفتوحة أو كشراء ذهب حقيقي Physical . آلية شراء الذهب في الاقتصاديات المتقدمة التي تتمتع باستقرار سياسي وتضخمي مختلفة تماماً عن شراء الذهب في دول كالصين والهند مثلاً حيث العملة تفقد قيمتها والتضخم يصل لمستويات قياسية تضعف القوة الشرائية , لذلك نقول أن كل حالة على حده وكل دولة لها ظروفها. لاتعتمد على الذهب في مضاربات يومية , لكن السناريو الحالي قد يكون لصالح هذا الشراء كاستثمار متوسط الآجل على أقل تقدير.
أولاً , قوة الدولار الأمريكي ستكون مهددة حيث الأسواق استوعبت رفع الفائدة, والعوائد الأمريكية لن تكون في وضع يسمح لها بالارتفاع في هكذا مخاطر تجارية محتملة .
ثانياً , مايجري حالياً من تراجع للأسهم الصينية وحتى الأداء الضعيف للأسهم الأمريكية في الفترة الأخيرة ليس عبثياً وليس مرتبطاً فقط بعمليات جني أرباح , بل بعمليات تحوط أكبر تبدأ من الآن. العوائد الأمريكية مثلاً لم تصل الى 3.10% لسندات العشر سنوات فجأة بل اخذت وقتها قبل ترامب واستمرت مع مجيئه . لذلك لنركز على التفاصيل المهمة وليس فقط على أرقام يومية أو حرب متوقعة.