لطالما كانت التحديات كبيرةً في الأسواق العالمية , سواءً منها الاقتصادية وحتى السياسية. ولكن يبدو أن هناك تحد آخر ليس بجديد ولكنه مؤثر بشكل واقعي ويومي ألا وهو التقلبات الضعيفة في الأسواق المالية . قد يبدو هذا الكلام غير مهم للمضاربين بشكل يومي ولكنه حقيقةً عامل مهم لأن هذه التقلبات الضعيفة لا تعني فقط أن الصفقات قد تستمر مفتوحةً لفترة أطول من التوقعات بل أيضاً تعني أن هناك توجس ومعنويات تردد في الأسواق المالية . لا يعني هذا بالضرورة توقع أزمة معينة ولكنه بالتأكيد لن يكون ايجابياً للبنوك الكبرى وكبار الوسطاء الذين يديرون ملايين الصفقات كل يوم .
عندما نأتي لمؤشر المخاوف فيكس VIX Index , وهو الذي يقيس مستوى التذبذبات Volatility في الأسواق العالمية , ما يزال حالياً ضعيفاً عند مستويات 12.05 نقطة قريباً من مستوياته المتدنية دون حدوث اختراق حقيقي باستثناء الارتفاع السريع الذي حدث في شهر شباط 2018 عندما وصل المؤشر الى قرب 40 نقطة بتأثير من التصحيح على الأسهم الأمريكية والمخاوف التي كانت تدور في ذلك الوقت كأزمة كوريا الشمالية , وتهديدات الخروج من الاتفاق النووي الإيراني – الغربي . تشير الأرقام أن مؤشر فيكس خسر قرابة 25.34-% في الثلاثة أشهر الأخيرة , بينما بقي مرتفعاً بنسبة 9.15% منذ سنة الى الآن . الرهان الطويل الأجل يبدو منطقياً كمكاسب , هذا التراجع القاسي في الثلاثة أشهر الأخيرة مرتبط أساساً بزخم الأسهم الأمريكية الذي عاد ليرتفع مجدداً , وأيضاً المزيد من الثقة بقدرة الإدارة الأمريكية على تحقيق اختراف تجاري حقيقي مع الشركاء الاقتصاديين ( كندا ,المكسيك , اليابان) وأيضاً مع الخصوم (الصين ).ويمكن القول أن رفع الفائدة الأمريكية لمرتين (حزيران – أيلول) خلال الأشهر الفائتة عزز من زخم الدولار الأمريكي الذي لم يكن أبداً لصالح الرهان على مؤشر الخوف.
بالمقابل, فقد الذهب ما يعادل -9.16% من قيمته منذ سنة الى الآن , متراجعاً -4.5% في ثلاثة أشهر فقط . يبدو الارتباط منطقياً بين المؤشرين وهذا مرده لزخم العوائد الأمريكية والثقة بالاقتصاد الأمريكي. بينما في المدى المتوسط ( سنة على الأقل ) كان مؤشر فيكس أفضل بكثير من الذهب لأن التداول اليومي والمضاربات بهدف قصير على مؤشر فيكس غير مجدية في هكذا بيئة استثمارية. ما نريد قوله أن المخاوف في الأسواق العالمية قد لا تتشكل بسرعة ولكن تأثيرها يكون كارثياً وسريعاً أحياناً. هذه التقلبات الضعيفة على أسعار الذهب حالياً دون تراجعه الى ما دون مستويات الدعم المهمة القريبة من 1180$ على الرغم من زخم العوائد الأمريكية قد يكون اشارةً إيجابية . لا نريد المبالغة لأن أرقام اللجنة الأمريكية لتداول السلع والعقود الآجلة كانت قد أشارت الى زيادة بيع الذهب من 10.8 الف عقد الى 17.6 ألف عقد خلال الأسبوع الفائت مرتبطاً أساساً بارتفاع شراء عقود الدولار الأمريكي , لكن كنسبة حسابية تبقى نسبة بيع الذهب أعلى من نسبة شراء الدولار الأمريكي اذا قارنا أرقام البيع والشراء بين أسبوع وآخر. هذا أصلاً كان جزءاً مهماً من تراجع السلع ككل خلال العام الجاري وبالتالي سيكون طريق تصحيحها السعري غير سهل.