في مراقبتنا للأسواق المالية العالمية , هناك الكثير من التفاصيل والترابط بين العديد من الأدوات الاستثمارية المختلفة . لاشك بأن قوة الدولار الأمريكي حالياً هي انعكاس لعاملين أساسيين :
أولاً , زخم رفع الفائدة الأمريكية وارتفاع عوائدها
ثانياً ,الثقة الحقيقية بأداء الاقتصاد الأمريكي الذي يؤدي أداءً هو ألأفضل في أكثير من عقدين, حيث نسبة البطالة عند أدنى مستوياتها منذ خمسين عاماً تقريباً ( تحديداً 1969 ) .
هذه الصورة الممتازة للاقتصاد الأمريكي التي رفعت معها الدولار الى أعلى مستوياته في عام ونصف تحمل وجهاً آخر قد لا يكون وردياً. العلاقة بين مؤشر قوة الدولار الأمريكي ومؤشر الذهب هي طردية كما يعرف الكثير من المتابعين , ولكن هذه القوة أيضاً لا تنسجم أحياناً مع ارتفاع مؤشر الداو جونز مثلاً الذي يتداول حالياً عند مستويات تاريخية قياسية 26475 نقطة بعدما وصل قبل أسبوع الى 26950 المستويات الأعلى في تاريخه , ماذا يعني هذا الكلام ؟
هذا الكلام يعني أن مؤشر الدولار الأمريكي حالياً الذي وصل الى 96 نقطة تقريباً لن يكون في سيناريو جيد مع ارتفاع الداو جونز. هذه القوة للدولار هي نتيجة لرفع الفائدة , تاريخياً لم تكن المؤشرات صديقة مع الفائدة المرتفعة. عوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات التي وصلت اليوم الى 3.23% وهي أيضاً الأعلى منذ سبع سنوات تشكل أيضاً تحدياً آخر خاصة أن هذا الدولار القوي لن يفيد في تخفيض عجز الميزانية الأمريكية أو في الحرب التجارية مع الصين أو حتى في تخفيض ديون الحكومة الأمريكية الهائلة. من جهة أخرى , يبدو دونالد ترامب عاجزاً عن تحقيق اختراق حقيقي للتسبب بضعف الدولار الأمريكي طالما أن الفيدرالي الأمريكي لا يتعاطى المواضيع المعقدة بطريقة سياسية بل بطريقة براجماتية اقتصادية وسياسة نقدية واضحة غير معنية بالبيت الأبيض.
قد يكون من المبكر الحكم على تأثير الرسوم التجارية على الصين حالياً حتى لو لم تكن الأرقام سيئة بالمطلق , ولكن بالتأكيد استمرار تراجع اليوان لن يفيد ترامب الذي قد يعود مجدداً لحربه الكلامية . لنراقب أداء عوائد السندات الأمريكية لأن مزيد من الارتفاع السريع قد لا يكون ايجابياً للمؤشرات الأمريكية التي قد يصبح تصحيحها متوقعاً في أي لحظة , فنياً على الأقل . ما قام به بنك الشعب الصيني قبل عدة أيام من تخفيض مستويات النقد المطلوبة للبنوك ورفع مستويات السيولة في الأسواق يعتبر اجراءاً وقائياً ولكن نعتقد بأن مراقبة الصين مهمة للغاية لأن هذه القوة الاقتصادية العالمية هي محرك للاقتصاد العالمي ولكنها أيضاً سبب آخر يدفعنا للتحوط وقد يدفع العوائد الأمريكية مجدداً للتراجع.