المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 20/12/2018
صمم رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، على رفض أي تأثير سياسي على قرار البنك بخصوص رفع معدل الفائدة نقطة ربعية أخرى، ولكن صعب عليه الدفاع عن عملية الرفع تلك وسط ما يشهده الاقتصاد من حالة تضخم، تقل عن الهدف الذي يصبو إليه الفيدرالي، وهو هدف 2%. وعندما واجه باول سؤالًا حول رفع معدل الفائدة في حين إخفاق معدل التضخم عن الوصول إلى النسبة المرغوبة، وفشله عن الارتقاء إلى تطلعات الفيدرالي، اعتمد باول في رده على إعطاء إجابة غير كافية ولا وافية.
فأجاب بأن في ظل "الاقتصادي الصحي" يعد رفع معدل الفائدة للمرة التاسعة منذ بداية عمليات الرفع مبررًا. بيد أن صانعي السياسة تراجعوا عن تنبؤات النمو السابقة التي أقروها، فتراجعت نسبة رفع معدل الفائدة 0.1% لعام 2021، ولكن ما تزال نسبة 1.9% إلى 2.0% نسبة صحية.
وربما يكون ما أقدم الفيدرالي عليه الآن خاطئًا. وهو ما يجلب إلينا السؤال الآتي: لماذا يرفع الفيدرالي معدل الفائدة في أثناء اجتماعه، رغم عدك وجود أي شيء يحوي بضرورة عملية الرفع تلك؟
لم يحسم باول أيضًا مسألة تخفيض عمليات الرفع مستقبلًا، فاعتمد في إجابته على الأسئلة بهذا الصدد على تكرار كلمات حول توقعات صانعي السياسة برفع معدل الفائدة مرتين بدلًا من ثلاث مرات السنة القادمة، كما فعل في سبتمبر. وتترك تعقيباته انطباعًا أن الفيدرالي رفع معدل الفائدة في هذا الاجتماع، لأنه كان بمقدوره هذا. ويظهر فعل الفيدرالي هذا أن البنك المركزي غير مرغم على الاستماع للرئيس ترامب أو لأي شخص آخر يعتقد بأن توقيت رفع معدل الفائدة كان خاطئًا.
استمرار سياسة التضييق الكمي
لم يمنح باول المستثمرين عظيم الأمل حيال سياسة التضييق المالي. وبالطبع يتجنب استخدام "تضييق كمي" ويفضل استخدام "تخفيض الميزانية." وتستشعر لجنة السوق المفتوح، وفق باول، أن تخفيض الميزانية يستطيع العمل جيدًا على الوضع الآلي، حوالي 50 مليار شهريًا، ويجب أن تظل السياسة مركزة على معدل صناديق الفيدرالي.
وقبل وقت طويل مضى، تحول الصحافيون إلى التساؤل حول الرقابة البنكية، بعد ملاحظتهم أنهم لن يحصلوا على المزيد من المعلومات من جانب رئيس الفيدرالي حول السياسة النقدية.
ويبدو رئيس الفيدرالي في حالة من عدم الارتياح وعدم الوقوف على أرض صلبة بشكل يفوق المؤتمرات الصحفية الثلاثة الماضية. وربما يسر الفيدرالي لانتهاء هذا الاجتماع. فقرروا رفع معدل الفائدة، وعجزوا عن التراجع عنه منذ بداية مهاجمة ترامب لهم بسببه.
وربما فضّل المستثمرون حالة من عدم اليقين حيال عمليتي رفع معدل الفائدة العام القادم. هل كان من الأفضل رفعه مرة واحدة، أم عدم رفعه على الإطلاق؟ ولكن التزام الفيدرالي كان تحوطيًا أكثر مما أدى إلى بلوغ اللهجة الخطابية تلك الدرجة من التأكد.
في بيان إجماع الفيدرالي، وافق 10 من الأعضاء، غير المعروف هويتهم، على إدراج كلمة "بعض" في بداية عبارة "مزيدًا من الزيادة التدريجية في هدف نطاق صناديق الفيدرالي،" وربما يكون هذا دليل على انتهاء تلك العملية.
وخفض صانعو السياسة من توقعات الوصول على المدى البعيد إلى المستوى المعياري لمعدل الفائدة بين 2.8%، و3.00%. ويمكن الزعم بأن الفيدرالي سيصل قريبًا من هذا المستوى بعملية رفع واحدة فقط العام المقبل. وأضافوا عبارة طويلة لتأهيل ذلك التوقع ليبدو متوازنًا، بقولهم: "سنستمر في مراقبة الاقتصاد العالمي والتطورات المالية وتقييم تطبيقات ذلك على التوقعات الاقتصادية."
لو تراجع الفيدرالي عن معدلات الفائدة التي صرح عنها من قبل في هذا الاجتماع، لكان رد السوق أكثر حدة، رغم أن رد الفعل كان بالفعل سيء، فبدأت عمليات تصفية على كافة المؤشرات الرئيسية في الولايات المتحدة بعد الإعلان. وسيظهر التراجع عن رفع معدل الفائدة تراجع ثقة البنك في الاقتصاد، فضلًا عن ظهور البنك بصورة الخاضع للضغط السياسي.
ويعقد رئيس الفيدرالي مؤتمرًا صحافيًا بعد كل اجتماع من الاجتماعات الثماني للجنة السوق المفتوح، من بداية العام القادم. وبذلك يصبح كل اجتماع كأنه يُبث على الهواء مباشرة. ويعد ذلك تغيرًا حساسًا في السياسة النقدية، ولكن يزيل الكثير من الضغط عن كاهل الفيدرالي. ربما يرفع الفيدرالي معدل الفائدة في مارس، وربما لا، ولكنه يمكنه رفعه في مايو، لو أخذ ذلك الطريق، ولا يتوجب عليه الانتظار ليونيو.
يمكن أن يدوم التوقف المؤقت على حسب الحاجة. فيستطيع الفيدرالي تفويت رفع معدل الفائدة في مارس، وفي مايو، وبعدهما، وحتى مع ذلك التوقف المؤقت ستكون الفرصة أمامه لرفع معدل الفائدة مرتين في 2019، لو شاء ذلك. وتظهر العقود الآجلة لصناديق الفيدرالي وجود فرصة غير مسبوقة بين نطاق المعدل 2.25-2.50% والموضوع هذا الأسبوع، ويمتد حتى أكتوبر على الأقل.