قد تكون الأسواق العالمية مشغولةً بتفاصيل البريكزت والمعضلة السياسية البريطانية التي تعصف برئيسة الوزراء تيريزا ماي داخل البرلمان البريطاني وحتى ضمن حزب المحافظين نفسه . ولكن بالمحصلة اذا دققنا جيداً سنجد أنه لا شيء جديد في جميع هذه التفاصيل التي نعيشها منذ عامين , بينما سيكون الاقتصاد الأمريكي كالعادة هو المحرك لكل الأحداث .
سيكون هذه اليوم أمريكياً بامتياز , اجتماع الفيدرالي الأمريكي والمؤتمر الصحفي لجيروم بأول بشأن السياسة النقدية ورفع الفائدة , ارقام مخزونات النفط الأمريكي للأسبوع الفائت , وكذلك مبيعات المنازل الأمريكية التي هي قيد الانتظار اضافةً الى أرقام الوظائف المهمة في القطاع الخاص الأمريكي والتي ستعطينا فكرة مهمة عن أرقام الوظائف الأمريكية للقطاع غير الزراعي بعد يومين. لابد أن نركز على نقطتين مهمتين للغاية:
أولاً , أداء الدولار الأمريكي الذي سيكو ن انعكاساً للسياسة النقدية وللثقة بزخم الاقتصاد الأمريكي . يقف مؤشر الدولار الأمريكي حالياً عند 95.65 نقطة , الأدنى في أسبوعين , فنياً يبدو حيادياً على المؤشر الساعي , ولكنه يبقى معرضاً للبيع على المؤشر اليومي.
ثانياً , لن يرفع الفيدرالي الفائدة اليوم لأنه رفعها في نهاية العام الماضي ( ديسمبر – كانون الأول 2018 ) وبالتالي من غير المنطقي أن يكون الاقتصاد قد أحدث تغييراً جذرياً في شهر واحد . أسعار الفائدة الأمريكية حالياً عند 2.5% وهي الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة . لا يوجد سبب مالي أو اقتصادي لرفع الفائدة حالياً حتى لو أراد جيروم بأول أن يخفض من مستويات ميزانية الفيدرالي والتي نعتقد أنه سيكون أكثر صبراً وتأخذ وقتاً أطول من التوقعات السابقة.
لنفترض جدلاً أن الفيدرالي لا يعمل بتوجيهات البيت الأبيض وهذا غالباً ما يحدث , ولنفترض أن الاقتصاد الأمريكي يبقى جيداً حالياً ( تراجع التصنيع والإسكان , سوق عمل قوي جداً , مستويات بطالة متدنية , ومستويات تضخم مستقرة قريبة من 2% ) مع ذلك لن يغامر الفيدرالي برفع الفائدة لسببين :
أولاً , تجنب صدمة للأسواق العالمية ككل والمؤشرات الأمريكية بشكل خاص .
ثانياً , المغامرة بأخذ الاقتصاد الى مسار تراجعي خاصة مع بدء الضعف التدريجي في أداء الاقتصاد الصيني , بينما يبدو الأوربيون عاجزين حالياً عن تحقيق اختراق في السياسة النقدية حتى لو كان مؤقتاً حسب اعتقادنا لأن المؤشرات الأوربية لديها الكثير لتقدمه في السنوات القليلة القادمة .
لا نتوقع دولاراً قوياً بالمطلق وان حدث سيكون مؤقتاً . يبدو اليورو قوياً عند مستويات 1.1440$ , أعلى مستوياته في أسبوعين وباعتقادنا أن مكاسب اليورو لم تنتهي بعد . بينما يتداول الذهب حالياً عند مستويات 1314.75$ للأونصة أعلى مستوياته منذ أيار 2018 , وما زال الاتجاه العام تصاعدياً.