في وقت لاحق من اليوم ( الساعة الرابعة عصراً بتوقيت دبي ) سيكون من المقرر أن يصدر قرار بنك إنكلترا بشأن السياسة النقدية والتي تتضمن توقعات رفع الفائدة ( حالياً عند 0.75% ) اضافةً الى التقرير الربع سنوي للتضخم , وبعد نصف ساعة سيكون خطاب مارك كارني محافظ بنك إنكلترا . يتداول الباوند حالياً عند مستويات 1.2935$ مقابل الدولار الأمريكي حيث خسر مستويات 1.31$ التي كان عندها مع بداية الشهر الجاري .
ويبدو واضحاً ان المعمعة السياسية البريطانية – الأوربية بشأن مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوربي لم ولن تحل كما كان متوقعاً , ستكون النتيجة كارثية على رئيسة الوزراء تيريزا ماي , لأننا نعتقد أن هكذا مفاوضات قاسية لابد لها من كبش فداء , وقد تكون رئيسة الوزراء الضعيفة نسبياً هي الضحية . يمكن القول أن المعايير التي سيعتمدها بنك إنكلترا بشأن أي قرار لن يكون حتماً اقتصادياً لوحده , بل سيكون مجبراً على الآخذ بعين الاعتبار الأضرار حتى لو كانت جانبية نتيجة البريكزت .
تقول الأرقام الاقتصادية البريطانية أن مؤشر التصنيع والخدمات للشهر الفائت كان ضعيفاً وأقل من التوقعات , بينما يبقى سوق العمل البريطاني قوياً بشكل جيد ونسبة البطالة متدنية لا تتجاوز 4% حالياً. عوائد السندات البريطانية لعشر سنوات تراجعت أيضاً الى 1.213% من 1.390% وهذا يعني أن سوق السندات يقرأ مزيداً من المخاطر ويتوقع عدم الاستقرار. اذاً اقتصادياً , ليس الوضع كارثياً بالمطلق وقد يكون الاقتصاد البريطاني أظهر تماسكاً بأقوى من التوقعات . السياسة هي من يتحكم الآن , وقد يكون التأثير تخريبياً. ستكون تيريزا ماي اليوم في بروكسل لجولة مباحثات جديدة مع الأوربيين , هناك عدة تفاصيل قد تكون حاسمة للغاية.
أولاً , من المستبعد أن يكون تاريخ نهاية الشهر القادم ( آذار 2019 ) تاريخاً نهائياً للخروج .
ثانياً , اذا رفض الأوربيون تعديل الشروط الخاصة بالاتفاقية مع بريطانيا , سيكون احتمال خروج بريطانيا دون اتفاق قوياً للغاية وهذا سيكون له تأثير سلبي على الباوند .
ثالثاً , اذا تم الاتفاق على تمديد المادة 50 من الاتفاقية بشأن توقيت الخروج وقضية الحدود الايرلندية سيكون وقتها التأثير إيجابي لمرحلة مؤقتة على الباوند .
لن يكون مارك كارني بموضع يسمح له حتى التفكير برفع الفائدة حالياً , بل على العكس تماماً فقد نكون على موعد مع تغيير جذري للسياسة النقدية البريطانية كلما زاد عمق التأثير السلبي للسياسة. حسناً فعل كارني برفع الفائدة خلال العام الفائت حتى يضمن أنه لو اتخذ قرار جريء بتخفيضها لاحقاً عندها سيكون أمامه مجال للمناورة. التحدي الكبير اضافةً للسياسة سيكون معدلات التضخم البريطانية التي وصلت حالياً الى 2.1% أعلى من هدف بنك إنكلترا المحدد عند 2%. المعضلة أن ارتفاع التضخم دون حدوث نمو حقيقي واتفاق سياسي جيد مع الأوربيين سيعقّد من مهمة بنك إنكلترا لأن رفع الفائدة عندها سيكون كارثياً , بالمقابل سيتأثر المستهلك البريطاني بهكذا ارتفاع تضخمي الذي قد يكون لاحقاً ذا بعد سياسي ضد حزب المحافظين الحاكم حالياً.