لم يتوقف صانعو السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي عند إيقاف عمليات رفع معدلات الفائدة إيقافًا مؤقتًا، بل وتوقفوا عن تقليص ميزانية الفيدرالي العمومية في وقت لاحق من العام الجاري، نظرًا للبلبلة الحادثة في الأسواق جراء انتهاج تلك السياسة.
كشف محضر اجتماع الفيدرالي لشهر يناير، الصادر يوم الأربعاء، أن عددًا من أعضاء لجنة السوق المفتوح طرحوا أسئلة على فريق العمل حول التقارير التي أغرقت السوق حول: تخفيض الميزانية العمومية، واللجوء للتضييق الكمي، وتأثير تلك التقارير على المستثمرين. وجاءت الإجابات على الاستقصاء المجرى على التجار والمشاركين في السوق واضعة القليل من اللوم على تخفيض الميزانية العمومية، كأحد عوامل التأثير على شعور المخاطرة.
بيد أن محضر الاجتماع أوضح أن: "عددًا آخر من المستثمرين ذكروا بأن اعتقادهم بقيام الفيدرالي بتخفيض ممتلكاته من الأوراق المالية كان عاملًا في زيادة الضغط للأسفل على أسعار أصول المخاطرة. وإجمالًا، التداولات التي وقعت في نهاية العام، كان لديها "أثر أكبر من المتوقع" على أسعار السوق.
لذا قدم فريق العمل اقتراحًا بإنهاء تخفيض الأصول "في وقت لاحق من النصف الثاني من هذا العام،" وتمسك صانعو السياسة سريعًا بهذا الاقتراح.
"يعتقد المشاركون جميعًا أن الإعلان عن إيقاف تخفيض ممتلكات الفيدرالي من الأصول، قبل فوات الأوان، سيكون أمرًا مرغوبًا فيه."
وشعر صانعو السياسة أن مثل هذا الإعلان سيساعد في تهدئة بال المستثمرين.
تقف احتياطيات الفيدرالي، وتضم أغلب محفظة السندات الاستثمارية، عند مستويات أعلى قليلًا من 1.6 تريليون دولار أكثر من الكافي لانتهاج السياسة النقدية المرغوب فيها، ولكنهم لاحظوا أن إضافة المزيد من السيولة سيكون منذرًا بتقلبات في معدل الفائدة على المدى القصير.
واتساقًا مع النوايا المعلنة حول التمسك بسندات الخزانة لمدى أطول، اعتقد المشاركون أنه من الأفضل إعادة استثمار السندات المستحقة والمؤيدة برهن، وتحويلها لسندات خزانة، وبذلك يحافظون على مستوى الميزانية العمومية، وفي الوقت نفسه يقللون من نسبة الأوراق المالية المؤيدة برهن. وناقشت اللجنة تفاصيل أعمق في باقي الاجتماع، ولكنها أكدت على ضرورة التزام المرونة.
إجمالًا، أظهرت وقائع الاجتماع أن صانعي السياسة يشعرون بأنه لا ضرر كبير في إيقاف رفع معدلات الفائدة إيقافًا مؤقتًا، لأن مخاطر هبوط الاقتصاد الآن متفوقة على مخاوف التضخم. لم يكن أعضاء اللجنة متحمسين للاعتراف بأن إطار عمل الهجوم المسبق على التضخم، في أثناء هبوط مستويات البطالة، كان غير ضروريًا، بالنظر إلى استمرار التضخم الأساسي أسفل نسبة 2%، وهي الهدف المقرر.
وتستمر معضلة التضخم في إرباكهم. فتراجعت إجراءات "تعويض الخسائر بزيادة التضخم" (وهي الممثلة لتفوق السوق وشغله مكانة أكبر أهمية من مخاطر التضخم). ويمكن أن يعود هذا إلى انخفاض توقعات التضخم عن الهدف المقرر لها، أو ربما يكون ما يحدث مجرد عاكس للتضخم الإجمالي في "تفوق السوق" أو "زيادة المخاوف حول مخاطر هبوط السوق، بالنسبة لمستقبل التضخم." من يعلم؟
وضع وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، دونالد رامسفيلد، تصنيفًا خاصًا لبعض الأمور تحت عنوان: أمور نعلم أننا لا نعلم عنها شيء، وربما يكون مستقبل التضخم أحد المنضمين لذلك التصنيف. فيبدو أن لجنة السوق المفتوح لا تعرف ماذا سيحدث لمعدل التضخم.
وأفضل ما توصلوا إليه، وفق محضر الاجتماع، هو اختصارًا: "ربما يلزم رفع معدلات الفائدة إذا كانت نتائج التضخم أعلى من التوقع الأساسي لهم." وما زال "الكثير من المشاركين" متشبثين بسياسة الصقور، ويرون بأن رفع معدلات الفائدة سيعود مرة أخرى في وقت لاحق من العام الجاري، لو تطورت الأوضاع الاقتصادية على النحو الذي يتوقعونه.
والتوقع الغامر للسوق الآن هو عدم الوضع في الحسبان أي عملية رفع فائدة هذا العام، لذا يمكن أن يتوقف المستثمرون توقفًا مؤقتًا على خلفية موقف الصقور المفعم بالأمل.
ولجأ عديد المشاركين في لجنة السوق المفتوح لـ "تخفيض" توقعاتهم للنمو الاقتصادي عن المستويات التي وضعوها عنده في ديسمبر، ويبدو أن هناك أمرًا آخر ضخم يعرفون أنهم لا يعرفون عنه شيئًا، هذا الأمر هو: ماذا سيحدث للاقتصاد. وتصدر توقعات يمكن الاعتماد عليها، عندما يحين موعد اجتماع مارس، والتي ستحوي توقعات مقارنة بديسمبر، وعندها سيحصل أعضاء اللجنة على بعض الفهم بهذا الشأن.
وأظهر الرسم البياني الموضح لموقف الأعضاء من توقعات مستويات معدلات الفائدة، dot- plot، أن هناك تحولًا من الموقف السابق بشأن رفع معدل الفائدة مرتين أو ثلاث مرات هذا العام.
كان رد فعل السوق ضعيفًا على محضر الاجتماع، لأن مسؤولي الفيدرالي أحسنوا إعلام السوق بنواياهم إزاء التضييق الكمي قبل إصدار محضر الاجتماع.