المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 8/3/2019
تحلق أسهم (NASDAQ:فيس بوك) عاليًا، مجددًا. كان عام 2018 كارثيًا بالنسبة للشركة، ففقدت خلاله أكثر من 40% من قيمتها السوقية، بيد أن الوضع تغير هذا العام، فأسهم الشركة تشغل المركز الثاني للأفضل أداء بين مجموعة الشركات التكنولوجية العملاقة الخمس. وهبط السهم 2% تقريبًا أمس، ولكن هذا الهبوط يأتي في أعقاب تحقيق أرباح لأربعة أيام متتالية، وتحافظ الشركة على الارتفاع بنسبة 29% في 2019. فشقت الأسهم طريقها من سعر 131.09 دولار المسجل في 31 ديسمبر، نحو سعر 169.13 دولار عند إغلاق الأمس.
ويحاول أقوى الدببة الآن قدح زناد فكرهم للتوصل لأسباب هذا الرالي القوي (صعود بعد انخفاض). ظاهريًا، لا يبدو أن هناك أي تغير في البيئة المحيطة بفيس بوك، وهي الشركة المسؤولة عن إدارة أكبر منصة تواصل اجتماعي وخدمات مراسلة على مستوى العالم، فتمتلك الشركة أيضًا: انستجرام، وواتس آب.
ما زال المدير التنفيذي للشركة، ومؤسسها، مارك زوكربيرج، يقوم بأقصى ما في وسعه لاستيعاب الدمار الواقع على الشركة، فخلال العام الماضي اتضح أن منصة الشركة الرئيسية، فيس بوك، كانت أداة للتلاعب السياسي، واستخدمتها مجموعات لنشر معلومات مزيفة ومغلوطة. وجاءت الصدمة الأكبر للشركة بعد فضيحة، كامبريدج أناليتكا، تلك الفضيحة دفعت لطرح أسئلة حول ممارسات فيس بوك الهادفة لحماية خصوصية ومعلومات المستخدمين، وكشفت عن نقاط الضعف في نموذج العمل الذي تنتهجه الشركة، والذي يعتمد بالأساس على تحويل بيانات المستخدم لأموال.
تمتعت تلك الأزمات بالقوة الكافية لتحريض السوق على فيس بوك، وفتح تحقيقات عدة في أعمال الشركة. واضطلعت بتلك التحقيقات هيئات تنظيمية أوروبية وأمريكية، وسياسيون، ولم ينتهوا منها بعد. وبالرغم من ذلك تحوّل شعور المستثمرين إزاء الشركة. وتمكنت الشركة من استعادة الأرضية الصلبة القوية التي طالما وقفت عليها، وهناك موافقة بالإجماع بين المحللين على إمكانية صعود الأسهم بنسبة 15% خلال الـ 12 شهر القادمة. وتنبع تلك الإيجابية، في وجهة نظرنا، من عاملين:
الأول: بالرغم من كل الأزمات الدافعة للخلف التي مرت بها الشركة العام الماضي، تمكنت فيس بوك من الإبقاء على نمو منصتها الرئيسية. فأدهشت الشركة حتى أعتى المنتقدين لها خلال العرض البياني للربع الرابع، الصادر بتاريخ 30 يناير، فكان هناك زيادة في متوسط عدد الأشخاص المستخدمين للمنصة، وتطبيق المراسلة الخاص بها، ماسنجر، وهؤلاء كانوا مستخدمين يوميين، وجاءت تلك النسبة الضئيلة للزيادة من أوروبا، وأمريكا الشمالية. وهذا يزيد الغرابة لأن تلك المناطق هي القائمة على فتح تحقيقات في ممارسات الشركة.
وبلغ متوسط المستخدمين اليوميين حول العالم 1.52 مليار مستخدم في ديسمبر، بارتفاع نسبته 9% عن العام الماضي، وبلغ عدد المستخدمين النشطين شهريًا 2.32 مليار، بزيادة 9% على أساس سنوي.
ثانيًا: ما زالت للمنصة قيمة عالية عند المعلنين، كما كانت في السابق قبل كل الإشكالات الجدلية والفضائح التي اندلعت حول الشركة. وارتفع عائد الربع الرابع بنسبة تزيد عن 30%، وكان هامش ربح التشغيل مذهلًا، بوقوفه عند نسبة 46%.
الهيمنة على سوق الإعلان الرقمي
يظهر هذا النمو القوي أن عملاق شبكات التواصل الاجتماعي ما زال محافظًا على مركزًا مهيمنًا في سوق الإعلانات الرقمية، وفي هذا المجال لا يملك المعلن سوى خيارين: (NASDAQ:جوجل)، وفيس بوك. وتقوم الشركتان بجمع بيانات المستخدم، ولديها القدرة على توجيه الإعلان للجمهور المستهدف بدقة.
سيكون من السذاجة التهوين من شأن القواعد التنظيمية التي يمكن أن تتصدى لشركات التواصل الاجتماعي خلال الشهور أو الأرباع القادمة، ولكن من المهم أيضًا ملاحظة أن فيس بوك لم تخسر قوتها، وما زال لديها خيارات متنوعة لتحقيق النمو.
وبينما ينشغل السياسيون والتنظيميون بمحاولات إيجاد إجابات على أسئلة متى وكيف يطبقون القواعد على شبكات التواصل الاجتماعي. تنفق فيس بوك ببذخ على تحسين ممارسات الخصوصية، وتقديم مميزات جديدة، لتعوض ما خسرته من العائد الآتي من الصفحة الرئيسية للمستخدم (هوم بيدج)، فقدمت للمستخدمين إمكانية وضع مذكرات يومية عبارة عن صور أو فيديوهات، وتختفي بعد 24 ساعة، وقسم جديد تمامًا على الموقع والتطبيق وهو مثيل للتلفاز، كما تقدم أيضًا المكونات التكنولوجية الصلبة (هارد وير).
في مدونة نشرها زوكربيرج بتاريخ 6 مارس، شارك فكرته حول بناء منصة تواصل اجتماعي ومراسلة متسمة بالخصوصية. وقال:
"بينما أفكر بمستقبل الإنترنت، أؤمن بأن منصة اتصالات معتمدة على الخصوصية ستصبح أكثر أهمية اليوم، من المنصات المفتوحة."
وبالتفكير بهذا الاتجاه، تخطط فيس بوك لطرح خدمات المراسلة المشفرة عبر كل تطبيقاتها الرئيسية، وذلك لتسمح للأشخاص بإجراء محادثات خاصة، وذلك وفق ما كتبه زوكربيرج. وتخطط أيضًا عبر تلك المجتمعات الخاصة لتطوير منتجات إضافة القيمة، مثل: الدفع الإلكتروني، والتجارة الإلكترونية.
خلاصة القول
ما زال على فيس بوك اتخاذ مزيد من الإجراءات، والقيام بتغيرات أعمق لتحوز رضا المسؤولين عن القواعد التنظيمية والسياسيين. وفي أثناء تلك الفترة الانتقالية، يتضح أن المعلنين ليس لديهم أداة أخرى للوصول إلى جمهورهم، مثل فيس بوك. ويعني هذا أن السيناريو الأسوأ الذي وضعه السوق في الحسبان، لم يكن صحيحًا، كما اثبت الرالي الأخير لأسهم الشركة.