المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 11/3/2019
ظهر توتر المستثمرين بقوة ردًا على ما قام به البنك المركزي الأوروبي خلال الأسبوع الماضي، إذ عاد البنك الأسبوع الماضي عودًا مفاجئًا للحديث عن سياسات التسهيل المالي، مما رفع المخاوف حول النمو. في واقع الأمر، أجّل البنك المركزي الأوروبي السوق رفع معدل الفائدة حتى عام 2020، كما أعاد البنك العمل بعمليات إعادة التمويل طويلة المدى الموجهة (LTRO)، والأمر الوحيد المفاجئ فيما أقدم البنك على فعله هو التوقيت.
خفّض الاقتصاديون الأوروبيون من تنبؤات النمو على مدار عدة شهور. وهبطت OECD بتوقعات النمو لمنطقة اليورو إلى 1%، بعدما كانت 1.8%، وحدث هذا التخفيض في اليوم السابق على اجتماع البنك المركزي، أي في يوم الأربعاء الموافق 6 مارس. وبواقع التنبؤات الجديدة، لا يحتمل أن يعود البنك المركزي لرفع معدلات الفائدة في سبتمبر. كما أن البنك لم تأت منه أي تصريحات حول رفع معدلات الفائدة قبل ذلك التاريخ (سبتمبر).
تعّمد رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، قول إن مخاطر الهبوط تزايدت والبنك "يستعد لضبط أدواته كافة،" في اجتماع يناير الماضي، وسيفعل البنك ما بوسعه للوصول لأهداف التضخم. وحتى عند تلك النقطة، وضع المحللون رهانهم على إعادة استخدام البنك أداة إعادة التمويل الموجه طويلة المدى، لأن تلك الأداة توفر سيولة للبنوك المنتقاة.
إذن، عندما هبط البنك المركزي الأوروبي بتنبؤات النمو من 1.7% إلى 1%، كانت مجرد محاولة لمسايرة التنبؤات حول نمو الاقتصاد الأوروبي. بيد أن هناك مفاجئة واحدة وهي: وقوف التضخم المتوقع الآن عند 1.2% فقط، ليهبط قدرًا لا بأس به أسفل هدف البنوك المقرر، 2%، ويهبط أيضًا خلف التوقعات السابقة القائلة إن التضخم سيقف عند 1.6%.
على أي حال، ضغط البنك المركزي الأوروبي على الزناد، وانطلقت رصاصة التيسيير في وقت سابق على توقعات المحللين، الذين رأوا أن البنك سيمهد فقط الأرضية للعمل في وقت لاحق.
هبط اليورو على خلفية قرارات البنك المركزي. وصاحبته عوائد السندات، ليس فقط سندات منطقة اليورو، بل وسندات الخزانة الأمريكية، إذ بدا الدين الحكومي الأمريكي أكثر جاذبية في ضوء تأجيل أوروبا لرفع معدلات الفائدة. وهبطت سوق الأسهم الأمريكية أيضًا، كما جاء تقرير نمو الوظائف أقل من المتوقع بكثير، وزاد الطين بلة يوم الجمعة، استمر هذا الهبوط، حتى جذبت الأسعار المنخفضة المستثمرين للدخول عند الإغلاق.
تفاخر دراغي بأن هذه المرة بأن البنك المركزي "ليس سببًا فيما يحدث، بالتأكيد." وما أتاه البنك من فعل استباقي، لا يجيب أي أسئلة عن مستقبل النمو الاقتصادي الأوروبي. في واقع الأمر، لا شيء مما يحدث في أوروبا يعطي إجابة على هذا السؤال. ويعتمد النمو على نجاح الجهود الصينية في تحفيز النمو، وما إذا كانت النزاعات الاقتصادية ستنتهي إلى حل.
والقلق المشروع عند النقطة الحالية سيكون حيال استنفاذ البنك لكل أدوت تحفيز النمو الاقتصادي، في حال زادت الأمور سوءًا. فسيعجز البنك عن إعادة تفعيل برنامج شراء السندات سريعًا للاستجابة، وهو أداة لا يمكن اقصائها من التوقعات، كما أن البنك ليس في جعبته ما يكفي لمواجهة سيناريو الخروج البريطاني الفوضوي، إضافة لا يملك الكثير لمواجهة فشل المحاولات الصينية لتحفيز النمو. أرجأ البنك المركزي عملية رفع معدل الفائدة، وتقف العملية في منطقة سلبية، وبالكاد يمكن تخفيضها، كما أن البنك شرع في استخدام أداة إعادة التمويل، فلم يعد هناك ما يمكن فعله.
يثار كثيرًا من الغبار حول حجم الأذى الواقع على الاقتصاد البريطاني في حالة الخروج الفوضوي، ولكن لا أحد يقترب من الحديث حول تأثير هذا على اقتصاد باقي أوروبا. فاستنتج الاقتصاديون الألمانيون أن التجارة بين الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا ذات اتجاهين، وإذا فشل الطرفان في الوصول إلى اتفاق لخروج، ستتأثر 100,000 وظيفة في ألمانيا، مما يصعب الأمور على باقي الأعضاء.
واختصارًا، تتوافر أسباب كثيرة تدفع المستثمرون للقلق. ولكن، رد فعل السوق على قرار البنك المركزي الأوروبي كان به بعض المبالغة، ولكن لا يمكن توجيه اللوم لهم. تعرض دراغي لنقد لاذع حول فعل القليل، وتأخر الفعل، ولا يرغب في أن يترك منصبه في أكتوبر القادم حاملًا لقب رئيس البنك المركزي الأوروبي المتسبب في المنحنى الاقتصادي.
رمى دراغي آخر ما في جعبته من أسهم، وبينما فعل ذلك لا نرى في الأفق أي بديل له الآن، وعلى ما يبدو فرئيس البنك المركزي الألماني، ينس فايدمان، خارج هذه الصورة. أعادت برلين تنصيب فايدمان لفترة ثانية، تمتد لثماني سنوات، ويبدو أن ألمانيا تحاول تنصيب رئيس المفوضية الأوروبية الجديد، وترى هذا المنصب أهم من منصب رئيس البنك المركزي الأوروبي.
ولا يوجد في الصورة سوى، فرنسوا فيليروي دي غالاو، أحد الذين ترأسوا البنك المركزي الفرنسي، ولا يضاهي دراغي بأي حال لهذا المنصب. والأسوأ سيكون اتفاق انتقالي مع فنلندي يجلس في المنصب سد خانة لحين مقدم، بينوا كورييه، الذي لا يمكنه الانتقال مباشرة للمنصب، لأنه سينهي فترته في مجلس الإدارة التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، وتنتهي تلك الفترة نهاية إلزامية في أواخر العام الجاري.