المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 25/3/2019
هل يمكن أن يبث الرئيس الأمريكي الحياة مجددًا للتحركات السياسية المؤثرة في ديناميكيات سوق النفط هذا الأسبوع؟
تتدخل عوامل متعدد في أساسيات السوق لتحرك النفط إما للصعود أو الهبوط، فخلال الأسبوع الماضي اشتد رالي النفط بعد قرار السعودية بتعميق تخفيضات الإنتاج، وفي هذا الأسبوع لاحت مخاوف ركود الاقتصاد الأمريكي مما هبط بالنفط، ويصحب تلك العوامل ما حدث أمس وبث الأمل في فكرة إعادة انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية، بعد ظهور براءته في التحقيقات التي قام بها مجلس الشيوخ حول علاقة حملة ترامب الانتخابية وروسيا. ولا يمكن استثناء براءة ترامب تلك من العوامل التي يمكنها أن تسبب قلقًا لسوق النفط.
توصل المحقق الأمريكي الخاص، روبرت مولر، في تحقيقه الذي استمر لعامين إلى العجز عن إيجاد أي أدلة تثبت تآمر ترامب مع روسيا للفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وبذلك سقطة التهمة الرئيسية التي كان يرتكن إليها الديموقراطيون في معاداتهم لترامب على مدار العامين الماضيين.
ويمكن أن يلجأ ترامب لاستخدام هذا التقرير سلاحًا قويًا في حملته الانتخابية العام القادم، وكذلك يحتمل ألا ينتظر ترامب العام القادم، ويشرع فورًا في الحديث عن براءته علانية في تجمع يوم الخميس في غراند رابيدس، ويقول محللون إن أزمات ترامب القانونية ربما تمتد لما هو أبعد من تحقيق مولر.
والآن، لا تتضح لدينا صورة عمّا سيفعله ترامب في المجال السياسي للتأثير على النفط. فعندما تهدأ عاصفة الأنباء حول تقرير مولر، الذي خرج للعلن يوم الأحد، سيظهر تأثر السوق بهذا التقرير على وول ستريت أولًا عند استئناف التداولات.
ترامب القوي سياسيًا، يمثل تناقضًا للنفط
بدأ موقف ترامب يستقر سياسيًا، ولهذا الاستقرار تأثير متناقض على النفط.
فإذا ما تعزز استقرار الإدارة، بقوة موقف رئيسها، ينتهز السوق فرصته، ويبدأ المتداولون في التعمق أكثر في السوق. على الجانب الآخر، يمكن أن يرتفع الدولار هو الآخر على خلفية الاستقرار تلك، مما يضغط على سعر السلع، التي عادة ما تتحرك في اتجاه معاكس لاتجاه الدولار.
كما لا يحب ترامب أسعار النفط المرتفعة، ويميل إلى محاربة ارتفاعات الأسعار تلك، عن طريق تغريداته المحذرة من احتمالية إلغاء الاستثناءات الممنوحة لبعض الدول لاستيراد النفط الإيراني، وربما يشرع في بيع النفط من المستودعات الأمريكية بصورة طارئة إذا لزم الأمر.
الرسم البياني اليومي للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط WTI
وترتفع معنويات ترامب بعد انتصاره في تحقيق مولر، وبعدها يمكن أن يكون في مزاج جيد للدخول في معركة خطرة مع الأوبك، ويحاول أن يهبط بالأسعار التي وصلت إلى ارتفاع أربعة أشهر، أعلى سعر 60 دولار لخام غرب تكساس الوسيط، وذلك أثناء الأسبوع الماضي، قبل أن يقلق السوق بشأن تراجع الاقتصاد الأمريكي.
دخلت الأوبك، أي السعودية للدقة الأكثر، مسار صدامي مع الرئيس، مع تعهد السعودية بعد إيقاف تخفيضات الإنتاج، وتمكنها من رفع خام غرب تكساس الوسيط ونفط برنت نسبة 30%.
ولكن، تغير الموقف الآن بعدما تمكن ترامب من إجبار الصين على إنهاء بعض الممارسات المزعزعة للتجارة التي طالما مارستها، فيمكن لترامب أن يستوحي من الإجراءات التي مارسها على الصين، ويطبق بعضها على الأوبك، لإخضاعهم، والأوبك تفكر في مصلحتها أولًا.
هبوط سوق الأسهم وما يشيع من تشاؤم
لا يجب أن تفعل إدارة ترامب شيئًا مباشرة، نظرًا لاتجاه سوق الأسهم في بداية تداولات يوم الاثنين. ففي جلسة التداول الآسيوية، افتتح سوق الأسهم على انخفاض حاد، وهبط بالنفط هو الآخر، وذلك على خلفية مخاوف هبوط عوائد أذون الخزانة الأمريكية أجل 10 سنوات إلى انخفاضات بداية 2018، لتكون أقل من معدل ثلاثة أشهر للمرة الأولى منذ 12 سنة. كما أضيف لذلك الخوف بيانات المنتجات الصناعية الهابطة من ألمانيا، الأقوى اقتصاديًا في أوروبا، وذلك للشهر الثالث على التوالي.
وتتنظر الأسواق هذا الأسبوع القراءة الأخيرة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة خلال الربع الرابع، ويراقب المستثمرون أي إشارات إضافية على الاقتصاد.
يقول دومينيك تشيرشيلا، مدير إدارة المخاطر وتداولات النفط والطاقة في معهد إدارة الطاقة بنيويورك، في مذكرة صدرت نهاية الأسبوع:
"يمكن أن يتباطأ الطلب على النفط، إذا بدأت عملية تصفية واسعة على المستوى العالمي في سوق الأسهم، تندفع إليها الأسواق بناء على ترجمتها لمنحنى عائد السندات الأفقي على أنه ركود."
مصائب السوق فوائد للذهب
الرسم البياني اليومي لعقود الذهب الآجلة
بغض النظر عمّا سيحدث لأسعار النفط، من المحتمل أن يأخذ الذهب مسار واحد، وهو المسار الصاعد. فتقدمت أسعار المعدن الأصفر يوم الاثنين، لتدخل المنطقة الحرجة لـ 1,300 دولار، تلك المفضلة عند محبي الذهب، وسارع المستثمرون نحو الذهب باعتباره ملاذ آمن، وسط الأزمات السياسية والاقتصادية المتزايدة حدتها.
بجانب القراءة الأخيرة الأهم لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، يخرج هذا الأسبوع أيضًا نتائج مؤشر معدل نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يلجأ إليه الفيدرالي لتقدير التضخم.
ويمنح السوق عظيم الاهتمام إلى تعليقات عدد كبير من مسؤولي الفيدرالي حول نظرتهم لمستقبل السياسة النقدية للشهور القادمة. فخلال الأسبوع الماضي، أسقط الفيدرالي احتمالية رفع معدل الفائدة هذا العام، وربما يشير هذا إلى انتهاء دورة التضييق المالي التي استمرت ثلاث سنوات.
ومع ما يفعله الفيدرالي، ومخاوف السوق حول التباطؤ الاقتصادي في أوروبا والصين، تزيد احتمالية تحقيق الذهب وعقوده الآجلة مزيدًا من الأرباح في مستوى 1,300 دولار.
وفي مذكرة لمحللي TD Securities:
"تزيد قوة رالي الذهب، بفضل توقعات تدهور البيانات، واستمرار هبوط معدل الفائدة في سياق التباطؤ الاقتصادي العالمي."