المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 27/3/2019
تعقد السعودية مع روسيا الآن تعاونًا غير مسبوقًا لتخفيض إنتاج النفط في العالم ورفع السعر، ولكن تعلم السعودية في أعماقها أنه إذا رغبت في رفع سعر البرميل بتلك الطريقة، ستكون حصتها في السوق معرضة للخطر.
تمكنت السعودية من العودة إلى قوتها بعد وقوفها على حافة الهاوية في خضم المعركة التي خاضتها مع النفط الصخري، حدث ذلك مرتين: الأولى ما بين 2017 ومنتصف العام الماضي، ومجددًا في بداية العام الجاري، ووقفت روسيا بجوار السعودية في المرتين، وأمدت الرياض بالثقة في قدرتها على الوصول بالسعر إلى 80 دولار للبرميل.
ويقف التاريخ السياسي في صف السعودية هو الآخر. فتمكنت السعودية من تجنب أي عقوبات على جريمة قتل الصحفي، جمال خاشقجي، تلك الجريمة التي أذت سمعة الأمير ولي العهد، محمد بن سلمان، ولكنها لم تتعرض بأي ضرر لمعاملات المملكة، وهناك أيضًا حرب اليمن التي لم يتمكن أحد من معاقبة السعودية عليها حتى الآن، ولم تدفع أي ثمن لقائها، وتلك الأحداث دفعت السعوديين للإيمان بقدرتهم على اعتبار أي حدث سلبي كأن لم يكن.
مقامرة النفط
ومن السالف ذكره، يمكننا الحصول على تفسير للمقامرة الآن حول النفط، وهي المقامرة الأجرأ في تاريخ الأوبك الممتد لستة عقود. ذكرت عناوين الأنباء وصول صادرات النفط الخام الأمريكي لكبار العملاء الآسيويين إلى مستويات قياسية الارتفاع، فوصلت إلى 3.6 مليون برميل يوميًا لشركة إنديان أويل، وفي نفس الوقت من المتوقع أن يهبط الإنتاج النفطي السعودي حوالي 30% من المستويات الطبيعية خلال الشهر القادم، ليكون أسفل 7 مليون برميل يوميًا.
وعلى الرغم من تراجع النفط الصخري الأمريكي قليلًا عن المستويات العالية التي وصلها الشهر الماضي، ما زال النفط الصخري يشكل تهديدًا لحصة السوق السعودية. ولا يذكر خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي، في خطابات سوى "إعادة التوازن لسوق النفط،" وهو ما تقوله السعودية لتشير إلى رفع أسعار النفط الخام.
ويقول الشريك المؤسس في Again Capital، جون كيلدوف، إن استجابة الفالح خليط ما بين التكبر، وكراهية الاعتراف بأن النفط الصخري يمكن أن تكون له اليد العليا في هذا الصراع. تتنبأ إدارة معلومات الطاقة بأن أمريكا ستكون قادرة على إنتاج نفط يفوق ما تنتجه السعودية ورسيا مجتمعتان، بحلول عام 2025، وظلت السعودية صامتة حول تلك التقديرات. ومن جانبه، أعلن الفالح ارتفاعًا تاريخيًا في مستودعات المملكة من النفط والغاز الطبيعي.
يقول كيلدوف:
"ما زال السعوديون يعتقدون أنهم لديهم القدرة على لعب دور المُنتِج المُرجِح للسعر في سوق النفط. ولكن تزيد احتمالية مواجهتهم منافسة قوية من النفط الصخري الأمريكي."
على سبيل المثال، يذكر كيلدوف أن ميناء لويزيانا النفطي تم عليه تحميل 11 ناقلة نفط في العام الأول من بداية التصديرات، وذهبت 60% من تلك الحمولة إلى الهند، و23% إلى الصين.
وأضاف:
"لا نتحدث فقط عن النفط الخفيف. فيوجد في الصادرات المحملة على الميناء مواد تكثيف، وأنواع أثقل من النفط الصخري الأمريكي مثل مارس، الذي يقارن بنفط الشرق الأوسط."
منافسون أقوياء
ولدينا في سوق النفط الصخري أيضًا منافسة خانقة بين كبار الشركات النفطية من أمثال (NYSE:إكسون موبيل) والتي تزعم أن لديها القدرة على جني أرباح ثنائية الأرقام حتى لو كانت أسعار النفط أقل من 35 دولار للبرميل في حوض برميان.
وتخطط إكسون مع نظيرتها، (NYSE:شيفرون) لاستخراج مليون برميل إضافي من حوض برميان، أي إجمالي 2 مليون برميل، وتخطط أيضًا لوضع تكلفة إنتاج البرميل الواحد عند 15 دولار، ولم تصل أي منطقة لهذا السعر سوى الشرق الأوسط.
ولكن هناك البعض من أمثال فيل فلين، من مجموعة Price Futures، يعتقد بأن هناك شيئًا من المبالغة في تقديرات النفط الصخري.
يقول فلين:
"لا أعتقد أن القلق يتملك السعوديين إطلاقًا. يمكن استرداد حصتهم السوقية بطرح النفط الخام بالسعر الصحيح الذي ترغب فيه الأسواق."
ويضيف:
"يعلم السعوديون والروس أنهم ما زالوا الأكبر في السوق حتى الآن، ويمكنهم أن يفتحوا أبواب الإنتاج على مصارعيها في أي وقت يرغبون، ويهبطون بأسعار النفط لمستويات سحيقة. وليس لديهم حدود كالتي عند منتجي النفط الصخري."
نجاح مرهون بالاقتصاد وفنزويلا وترامب
الرسم البياني اليومي لتحركات نفط برنت
يوجد 3 أمور رئيسية ستحدد ما إذا كانت السعودية ستعود بسعر نفط برنت ما بين 80-85 دولار للبرميل، أو على الأقل 70 دولار. والأمور هي: الأزمة السياسية في فنزويلا، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
هناك عدد من الفزاعات في الولايات المتحدة، منها الركود، والخوف من التباطؤ الاقتصادي الذي امتد من آسيا إلى أوروبا، وهبط بأسعار النفط في بداية هذا الأسبوع، إذ خاف المستثمرون من تراجع الطلب على الطاقة. وتدهورت البيانات الاقتصادية العالمية منذ بداية العام الجاري، ويمكن أن تتحسن على مدار الوقت عند بدء الصين تطبيق إجراءات التحفيز الاقتصادي، والوصول إلى اتفاق في حربها التجارية مع الولايات المتحدة.
وإذا انفرجت أزمة فنزويلا ستعود الولايات المتحدة لاستيراد الخام الثقيل الذي تحتاجه محطات التكرير المحلية، وتواجه تخفيضات الإنتاج من الأوبك.
أمّا بالنسبة لترامب فالأمر أكثر تعقيدًا.
اشتد عضد ترامب السياسي بعد تبرئته من تهم التآمر مع روسيا للفوز بالانتخابات الرئاسية في 2016، وربما يهدأ بال ترامب ويبدأ معركة أخرى مع الأوبك ليرغم أسعار النفط على الهبوط. ويتسع مدى الاستجابات لترامب، فيمكنه اللجوء إلى التغريد، أو منح إعفاءات كبيرة لمشتري النفط الإيراني، وربما يصل الأمر حد بيع النفط الخام الأمريكي من المستودعات.
علاقة ترامب مع السعودية دافئة، ولكنها مريبة في الوقت نفسه، فيشدد ترامب على ضرورة دفاع أمريكا عن حلفائها المهمين في الشرق الأوسط، وهذا الدفاع تضمن عدم رد الولايات المتحدة على مقتل خاشقجي. وفي الوقت نفسه يحتاج الرئيس إلى إرضاء القاعدة الجماهيرية الخاصة به ليضمن إعادة الانتخاب في نوفمبر 2020.
والانتخابات القادمة على بعد 20 شهر، وهو وقت طويل في سوق النفط.