المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 29/3/2019
ارتفع إنتاج النفط الصخري هذا العام، ولكن عمدت شركات الحفر والتنقيب عن النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى خفض التحوطات على الإنتاج لعام 2020، وفق بيانات من مجموعة (NYSE:غولدمان ساكس)، وهذا بلا شك أسعد الأوبك.
الرسم البياني اليومي لتحركات عقود خام غرب تكساس الوسيط
يتبع بنك غولدمان ساكس سوق النفط عن كثب، ويراقب الجميع ما ينشر من تحليلات وأبحاث، وقال البنك في مذكرة له إن اهتمامًا متزايدًا ينصب على تحوط منتجي النفط لعام 2020، إذ استشعر البنك وضع المنتجين على أنفسهم قيودًا قوية فيما يتعلق بالتنقيب والإنتاج، ففي السابق أسرع المنتجون وأعلنوا عن التزامهم بإنتاج المزيد من البراميل لأن السعر ارتفاع بنسبة 30% للعام.
ترتيب أولويات شركات الحفر: توزيع الأرباح والتدفق النقدي، أهم من التحوط
حمدت شركات الحفر والتنقيب عن النفط الصخري هبوط النفط في الربع الرابع من العام الماضي، على الرغم من حدة الهبوط، إلا أنه كان قصير المدة الزمنية، وتوصلت الدول المنتجة لقرار ألا تسمح بتكرار هذا مجددًا في المدى القريب.
وبدأت الشركات تحول الأموال التي ادخرتها من تخفيض نشاط الحفر ونشاطات الإنفاق الأخرى إلى توزيعات أرباح ترضي حملة الأسهم. وكانوا أيضًا يدعمون التدفق النقد، ويعملون على تعديل مشاركتهم في السوق لضمان عدم مشاركتهم أو تورطهم في انهيار للسوق كالذي حدث ما بين 2014 و2017، وأخرج الكثير من نظرائهم من السوق.
وزعت غولدمان ساكس المذكرة على عملاء الشركة يوم الأربعاء. ولكن البنك شارك المذكرة مع السوق يوم الخميس، عندما انصب تركيز السوق على تغريدة ترامب حول ارتفاع سعر النفط، وعلى الأوبك رفع إنتاجها. ولا مفاجأة في ضياع أثر المذكرة في ضوضاء السوق.
ولكن، لو اتطلع أحد على محتويات تلك المذكرة، سيرى هناك استخلاص يمكن أن يؤثر في السوق.
وإليك 4 نقاط رئيسية يذكرها غولدمان ساكس:
-
شهدنا ارتفاعًا طفيفًا في تحوط إنتاج النفط لعام 2019، إذا ارتفع قليلًا من 28% (وفق آخر تحديثاتنا) إلى 31%، والتحوط عند متوسط سعر 57.50 دولار للبرميل.
-
وفي أعقاب تحديثات أرباح الربع الرابع المتوقعة للعام الجاري، نرى تحوط إنتاج النفط وغيره أدنى المتوسطات التاريخية.
-
ووفق ما نلاحظه، تظل تحوطات الإنتاج لعام 2020 متواضعة، فحوالي 6% فقط من الإنتاج المتوقع عليه تحوط، مقابل 4% كما جاء في نتائج أرباح الربع الثالث لعام 2018.
-
ونلاحظ أيضًا أن الزيادة في الإنتاج الموضوع في مراكز تحوط لعامي 2019، و2020 للنفط ارتفعت بسبب تخفيض الشركات لتوقعات الإنتاج (وهي المقسوم عليها لاستنتاج نسبة التحوط)، وهذا بالنظر لإجراء الشركة مراجعة لنمو التقديرات بانخفاض بعد نتائج الربع الرابع.
هل يتراجع إنتاج النفط الصخري؟
لو صدقت توقعات غولدمان ساكس تلك، سنرى لدينا صورة مختلفة تمامًا عن صناعة النفط في الولايات المتحدة، ومتوسط إنتاج الحفارة الواحدة، والتي كان يعتقد أنها لن تعمل سوى بطريقة الاستمرار الدائم في الحفر.
وربما يفسر لنا هذا لماذا هبط عدد حفر التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة إلى انخفاض 11 شهر هذا العام، وهناك تباطؤًا أيضًا منذ أواخر فبراير على الرغم من استعداد خام غرب تكساس الوسيط لإنهاء الربع الأول على أفضل أداء له منذ عقد؛ ويستخدم مقياس عدد حفر التنقيب في الاستدلال على الإنتاج.
ولو استمر هذا الاتجاه، ربما عندها لن تتحقق توقعات إدارة المعلومات الأمريكية ببلوغ الإنتاج مستوى قياسي، لتنتج الولايات المتحدة أكثر من 13 مليون برميل يوميًا بحلول 2020. ومنذ أسبوعين، خفضت إدارة المعلومات الأمريكية توقعاتها للإنتاج في 2019 مقدار 1.0%، لتصبح 12.3 مليون برميل يوميًا. وما زالت الوكالة محتفظة بتوقعاتها لعام 2025، والتي تقول إنه بذلك الوقت ستتجاوز الولايات المتحدة إنتاج روسيا والسعودية مجتمعتين.
ويراقب السوق عن كثب أي تراجع في مراجعات إدارة معلومات الطاقة، إذ يؤمن عدد من المحللين أن نمو الإنتاج المرتفع هذا لا يمكن أن يكون مستدامًا لأن الكثير من مناطق الحفر الواعدة مجهدة، وتراجعت معدلات إنتاجها بسرعة.
ويعارض البعض الآخر تلك النظرية، ويضعون حجتهم لهذا حداثة لعبة النفط الصخري، فهي لم تكمل عقدها الأول بعد، وحدثت أمور مماثلة لتلك في الحقول النفطية الروسية، وبعد ذلك اثبت الزمن خطئها. وأيضًا تتحمس الشركات النفطية العملاقة لدخول مجال النفط الصخري، في الوقت الذي يزيد فيه تحفظات الشركات الصغيرة والمستقلة. على سبيل المثال، يتطلع العملاقان: (NYSE:شيفرون)، Exxon (NYSE:وإكسون موبيل) إلى رفع الإنتاج مقدار مليون برميل لكل شركة على حدا، من منطقة حوض برميان، الأعلى إنتاجية. وتقول إكسون إنها ستحقق أرباح مزدوجة الأرقام المئوية حتى لو وصل السعر إلى 35 دولار للبرميل، وتسعى الشركة نحو تخفيض النفقات أسفل 15 دولار، كإشارة على استمرارها في رفع الإنتاج لفترة طويلة بعد انهيار السوق.
شد عضد الأوبك
وفي الحجة الثانية، لن يحدث ما يقولونه إلا على المدى الطويل. ولكن في المدى القريب، على مدار الربع أو الربعين التاليين، هناك تأكيدات على تراجع تحوط شركات إنتاج النفط الصخري، وجاء بعد تلك التأكيدات تخفيض لتوقعات الإنتاج لعامي 2019/20، ولا يمكن أن يكون الوضع أفضل مما هو عليه بالنسبة للأوبك.
نفذت الأوبك تخفيضات إنتاج هي الأعنف والأجرأ في تاريخها، ووضعت حصتها السوقية على المحك، وعلى الرغم من ذلك أصاب الإحباط السعودية، القائد الفعلي للأوبك، بسبب الأحاديث التي تدور حول تحسن وزيادة حجم صناعة النفط الصخري، وقدرته على غمر السوق، وتلك الأحاديث منعت برنت من الوصول إلى سعر 70 دولار للبرميل، ناهينا عن أسعار 80-85 دولار التي ترغب فيها السعودية.
ولكن، مع ما جاء من بنك غولدمان ساكس، حول قيود الإنتاج، يمكن أن تعزز السعودية روايتها عن بقاء سوق النفط في حالة ضعف إمداد لهذا العام، وحتى عام 2020، لاستمرار تراجع الإنتاج من روسيا والأوبك، وما يصاحبهم من تراجع إنتاج الولايات المتحدة وفنزويلا وإيران.