أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي يوم الجمعة 29-03-2019 تراجع حصة الدولار من احتياطات البنوك المركزية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2013، بينما ارتفعت حيازة اليوان الصيني للربع الخامس على التوالي خلال الأرباع الستة الماضية، وانخفضت مساهمة الدولار في الاحتياطات بنسبة 3.7% عند نهاية عام 2016. وشكل هذا الخبر إحياءاً لآمال فريق "انهيار الاقتصاد الأمريكي"، والذين تعودنا أن نسمع منهم هذه النغمة بشكل مستمر والتي تؤكد على أن الدولار سينهار لصالح اليوان أو العملات الرقمية، وحتى من قبل أن توجد العملات الرقمية وقبل أن يبدأ توسع الاقتصاد الصيني بشكل كبير مع بداية حقبة التسعينات، ودائماً ما يستشهد فريق "انهيار الاقتصاد الأمريكي" بالخطوة التي اتخذتها الصين في مطلع عام 2018 من خلال إصدار عقود نفط آجلة باليوان.
يؤسفني أن أخيب آمال فريق "انهيار الاقتصاد الأمريكي" وذلك لعدة أسباب:
1. لقد تم اعتماد اليوان في عام 2016 كواحد من حقوق السحب الخاصة SDR، وبالتالي من الطبيعي أن يعاد توزيع نسب الحيازة بين حقوق السحب الخاصة الموجودة قبل دخول اليوان والتي يعتبر الدولار أهمها.
2. الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال القطب الأوحد عالمياً، ولا أجد أن الصين وصلت إلى المرحلة التي تشكل فيها قطباً منافساً حقيقياً.
3. في الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين؛ أرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك الكثير من الأوراق الرابحة بشكل عام والتجارية بشكل خاص كونها تعتبر أكبر مستورد للبضائع الصينية، ولن تكون الصين مستعدة لخسارة أكبر عملائها في السوق الدولية، حيث تبلغ صادرات الصين إلى الولايات المتحدة حوالي 540 مليار دولار، بينما تبلغ صادرات أمركيا إلى الصين حوالي 120 مليار دولار.
4. فريق "انهيار الاقتصاد الأمريكي" يعتبرون أن أحد الأوراق الرابحة في يد الصين هي حيازتها على ما يقارب من 28% من الديون الأمريكية الخارجية على شكل سندات وأذونات خزينة أي بما يعادل 1.13 تريليون دولار، وهي تأتي في الترتيب الأول عالمياً، وتليها اليابان بقيمة 1.07 تريليون دولار، هذه النقطة تحديداً هي لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وليست ضدها؛ لأن الصين لن تكون مستعدة للجوء إلى البيع المباشر للسندات؛ لأنها ستتكبد خسائر فادحة، كما أنها لن تكون قادرة على اللجوء إلى الـ Roll-off بشكل كبير من خلال التوقف عن عمليات تجديد الحيازة الـ Roll-over؛ وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية وكما ذكرنا سابقاً تنتهج مبدأ (التمويل بالعجز)، و الـ Roll-off سيؤدي إلى تراجع إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية على السلع والصادرات الصينية وهذا لن يكون في صالح الصين أيضاً.
5. لا داعي للحديث عن الآثار السلبية الكبيرة للـ Devolution الذي كانت تلجأ له الصين في الأعوام السابقة، والتي كان أبسطها انخفاض احتياطات النقد وهروب رؤوس الأموال، بالإضافة إلى تراجع الثقة في أسواق الأسهم الصينية، وإثارة التساؤلات عن ومدى شفافية وجدوى السياسة النقدية المنتهجة من جانب الصين والمتعلقة بهذا الجانب على وجه الخصوص.