عانت الليرة التركية بشكل كبير على مدى الأعوام الماضية مع تصاعد الأحداث الجيوسياسية منذ بداية محاولة الإنقلاب الفاشلة عام 2016، والتي فقد على أثرها العملة أكثر من 38% حتى عام 2018.
أيضاً مازالت تشهد تراجع ما يتجاوز 10% من مكاسبها خلال هذا العام 2019 مقابل الدولار الأمريكي.
كما إستمرت هذا المعاناة للإقتصاد التركي خلال العام الجاري مع تصاعد الأحداث السياسية الداخلية والخارجية، وبالإضافة معاناة الإقتصاد التركي كما يعاني أغلب إقتصادات الدول الناشئة في ظل التصعيد ما يسمى الحرب التجارية ما بين أكبر إقتصادين بالعالم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
وفي محاولة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" السيطرة على السياسة النقدية للبنك المركزي التركي بتعين رئيس جديد له للسيطرة على مستويات التضخم المستمرة بالارتفاع مع ضعف العملة ومعدلات الفائدة المرتفعة للغاية.
حيث قام البنك المركزي التركي بخفض كبير لمعدلات الفائدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية بما يقدر7.5% لتستقر الفائدة عند مستوى 16.5%.
اخر تطورات الأحداث الجيوسياسية!
حاول الرئيس التركي خلال هذا العام السيطرة على ما يرى أنه يمثل تهديد لبلاده بما يسمى القوات الكردية المتشددة المتمركزة في الشمال السوري، وشكل قوات للتمركز والسيطرة على هذا الجزء لتشكيل منطقة آمنة للحدود التركية.
يهدف هجوم أردوغان المخطط له إلى المطالبة بمناطق من مجموعة وحدات حماية الشعب الكردية المتشددة في سوريا وإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا حيث يهدف إلى تسوية العديد من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا والذين يبلغ عددهم 3.7 مليون.
وظل المستثمرون يستعدون للإحتلال التركي لقطاع من شمال سوريا منذ شهور، ولكن خطر إندلاع تصعيد آخر بين حلفاء الناتو المبعدين يخاطر بتعطيل الإنتعاش في الليرة.
كما أثارت تداعيات دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة العام الماضي أزمة عملة دفعت البلاد إلى الركود الأول منذ عقد، وذلك بعد عقوبات أمريكية ووقف صفقة شراء طائرات أمريكية بعد قيام الجانب التركي بشراء منظومة دفاع طاروخية روسية.
مما أدى إلى أختلاف كبير مع الولايات المتحدة التي تعتبر حليفة للقوات الكردية المتمركزة في شمال سوريا. لكن خلال الشهر الماضي توصل الطرفان إلى إتفاق لتشكيل تحالف بين الولايات المتحدة وتركيا للسيطرة على شمال سوريا.
لكن ذكر بيان للبيت الأبيض في ساعة متأخرة يوم الأحد أن الولايات المتحدة لن تقف في طريق الهجوم على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سوريا، وأذكت تكهنات بأن المواجهة بين الحلفاء يمكن تجنبها.
هذا الإعلان الذي جاء عقب مكالمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان بمثابة تغيير مفاجئ في الموقف الأمريكي.
دافع ترامب يوم الاثنين عن رغبته في إنهاء ما يسمى بـ "الحروب التي لا تنتهي" في أمريكا قائلاً إن بلاده ستخوض فقط من أجل مصلحتها.
مع ذلك، بدا دونالد ترامب في إعطاء الضوء الأخضر لتركيا لمهاجمة القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة في شمال سوريا.
لكن عاد ترامب من خلال منصته تويتر المثرة للجدل مع تغريداته محذراً أنقرة في تغريدة بأنه سيدمر اقتصاد تركيا بالكامل وطمسه كما فعل بالسابق إذا اتخذ إجراءات غير خارج الحدود.
أثر تهديد ترامب على الأسواق التركية!
انخفضت الليرة بأكبر نسبة منذ أغسطس مع استعداد المستثمرين لعملية عسكرية تركية في سوريا. أيضاً بعد أن حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تركيا من التصرف بشكل مفرط في عملية عسكرية تستهدف القوات الكردية في سوريا.
حيث سجلت تكلفة التحوط ضد الخسائر في العملة التركية أكبر قفزة لها على مدار يومين خلال خمسة أشهر تقريباً بسبب القلق من أن تعمق الشقاق بين أنقرة وواشنطن.
تراجعت الليرة التركية مقابل الدولار منذ جلسات الأمس بنسبة أكثر من 2٪ إلى أدنى مستوى خلال الجلسة عند 5.84 مقابل الدولار بعد أن حذر ترامب أنقرة في تغريدة بأنه سيدمر اقتصاد البلاد تماماً إذا اتخذ إجراءات غير محددة خارج الحدود.
ويظل السؤال المطروح؟ هل حقاً يستطيع ترامب تدمير الإقتصاد التركي الذي يتجاوز 750 مليار دولار، وهذا في ظل التحديات الداخلية التي يواجها ترامب مع الدمقراطيين ومع إقتراب جولة الإنتخابات الأمريكية المقبلة 2020.
كان رد فعل السوق على الأخبار في تركيا مختلطاً حيث انخفضت السندات وارتفعت تكلفة التأمين على الديون التركية ضد التخلف عن السداد.
وما زالت تقود الانخفاضات بين عملات الأسواق الناشئة أيضاً مؤشر " MSCI للأسواق الناشئة"، ومؤشر "بورصة اسطنبول 100" الذي انخفض بنسبة أكثر من 1.6٪ بعد انخفاضه بنسبة 0.9 ٪ في وقت سابق.
"الليرة التركية" نظرة فنية!
ما زال الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية يحافظ على تداولاته أعلى متوسط متحرك 200 يوم منذ منتصف أغسطس الماضي، وهو ما يقارب حالياً عند مستوى 5.6440.
يواجه حالياً زوج العملة مستوى مقاومة أولية عند 5.9330 قمة 14 يونيو، وإذا ما نجح في تداول يومي أعلها قد يتراجع الليرة نحو مستويات 6.11 من جديد ثم مستوى 6.22.
بينما في حالة عودة الإيجابية لليرة التركية نريد أن نرى تداولات ما دون مستوى 5.7320 متوسط متحرك 100، والذي قد يدفع زوج العملة لمواجة دعم عام عند 5.65. فمع تداول يومي ما دون هذا المستوى قد يواجه مستوى دعم عند 5.6370 قاع سبتمبر ثم 5.58.
Abdelhamid_TnT@