حرب محتدمة في القارة الآسيوية، ربما غفلت عنها، إليك نظرة تحليلة شاملة

تم النشر 10/01/2020, 18:29

أسباب الصراع التجاري

النقطة الأولى التي يجب ذكرها هي أن كوريا الجنوبية بالأساس دولة تأسست وكما هو مفترض في مقدمة دستورها على أساس ”النوايا الظاهرية“ التي تقول إن حكم اليابان لمستعمراتها هو أمر غير قانوني، وبناء على ذلك الافتراض، فقد تم إصدار حكم من المحكمة الكورية العليا في أكتوبر من عام 2018 حول قضية التشغيل الإجباري للكوريين في المصانع اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية، وطالب حكم المحكمة شركة ميتسوبيشي بتعويض مقابل تشغيل عمال من كوريا الجنوبية بالسخرة أيام الحرب العالمية الثانية من خلال سنوات الاحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية من عام 1910 لعام 1945 لكن اليابان ترى أنه لا يمكن مطالبتها بذلك بعد الاتفاقية المبرمة عام 1965 بين الدولتين. وقالت اليابان إن معاهدة 1965 بين الدولتين عالجت الأمر بصورة نهائيَّة، بموجب ذلك دفعت اليابان حينها 800 مليون دولار مساعدات وقروضاً لكوريا الجنوبية.

الإجراءات المتخذة من كلا الجانبين

فرضت اليابان قيودا على صادرات المواد التي تستخدم في صناعة رقائق الكومبيوتر والشاشات إلى كوريا الجنوبية والتي تعد أكبر منتج في العالم لرقائق الكومبيوتر والتي تستورد احتياجاتها من هذه المواد من اليابان. وتأخذ عملية التصديق على الصادرات إلى كوريا الجنوبية نحو 90 يوماً.

هناك تقارير إعلامية يابانية تشير إلى أن كوريا الجنوبية نقلت مادة كيميائية مهمة إلى كوريا الشمالية لأغراض عسكرية، ولكن كوريا الشمالة تقدمت بشكوى ووضف الإجراءات بـالانتقامية، كقضية عاجلة أمام مجلس تجارة السلع التابع لمنظمة التجارة العالمية. فيما تزايدت حملات مقاطعة السلع اليابانية بشكل كبير في أرجاء كوريا الجنوبية. تقول اليابان إنها اتخذت هذه الإجراءات الجديدة بعد بعد علمها بتسريب بعض من هذه المواد الكيماوية إلى كوريا الشمالية، التي من الممكن أن تستخدمها في التصنيع الحربي.

في سياق متصل قررت اليابان إزالة اسم كوريا الجنوبية رسميًا من قائمتها البيضاء التي تضم الشركاء التجاريين الموثوق بهم وهو 27 دولة. وقد جاء ذلك بعد أن قررت كوريا عدم تجديد اتفاقية تبادل المعلومات العسكرية مع اليابان.

وفقًا لوزارة التجارة والصناعة والطاقة الكورية، وافقت اليابان على سبع شحنات فقط من المواد الصناعية بموجب قيودها على الصادرات إلى كوريا منذ شهر يوليو. وقد تحركت الشركات الكورية بسرعة لإنتاج قطع الغيار والمواد محليا، والتي كانت تعتمد على اليابان بشدة في استيرادها.

الدعم الحكومي

وأعلنت الحكومة الكورية أنها سوف تنفق أكثر من 1.8 مليار دولار سنويا لدعم الإنتاج المحلي من تلك الأجزاء والمواد والمعدات. ولذلك، يبدو أنه من المفارقات أن قوانين التصدير اليابانية تدفع كوريا إلى إنتاج المواد الصناعية الرئيسية وقطع الغيار من خلال سلاسل التوريد المحلية. وتقول التقارير إن الاقتصاد الياباني قد تأثر أيضًا بتدابيره الاقتصادية ضد كوريا.

النتائج المترتبة والتأثير الاقتصادي

من المتوقع أن يتراوح معدل النمو المحتمل لاقتصاد كوريا الجنوبية في الفترة من 2016 إلى 2020 ما بين 2.7 في المائة و2.8 في المائة. وكانت التقديرات السابقة تتوقع أن يتراوح معدل النمو خلال هذه الفترة ما بين 2.8 و2.9 % بسبب انخفاض أعداد المواطنين في سن العمل وتباطؤ الاستثمار بسبب حالات عدم اليقين، ووصل عدد المواطنين الذين يبلغون من العمر أكثر من 65 عاما أكثر من 14% من إجمالي تعداد السكان. ومن المتوقع أن تتزايد هذه الظاهرة بصورة كبيرة العام 2025، عندما تبلغ نسبة الذين يبلغون من العمر أكثر من 65 عاما 21%.

وقد تؤثر هذه الخطوة سلبا على شركات التكنولوجيا العملاقة مثل سامسونج للإلكترونيات وإس كيه هاينكس، التي تزود أمثال آبل وهواوي بالرقائق، وقال صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد الياباني سينمو بنسبة 0,5% في عام 2020، مما يشير إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية في اليابان قد تستمر خلال العام الجاري.وقد توقف المواطنون الكوريون عن شراء المنتجات اليابانية وامتنعوا عن القيام برحلات إلى اليابان. والأكثر من ذلك أن الشركات الكورية التي كانت تستورد كميات كبيرة من المواد من اليابان تبحث الآن عن بدائل أخرى أو تسعى لإنتاجها محليًا. ولهذا تواجه اليابان صعوبة في العثور على مشترٍ كبير مثل كوريا، حيث تقلصت صادراتها إلى كوريا في الأشهر الأخيرة.

فقد انخفض حجم صادرات اليابان إلى كوريا الجنوبية بنسبة 10.8% في الربع الثالث من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعتبر هذا انخفاضًا حادًا مقارنة بالانخفاض البالغ 4.2% في الشحنات الكورية إلى اليابان خلال نفس الفترة. ووسط الحملة المستمرة لمقاطعة البضائع اليابانية في كوريا الجنوبية، شهدت اليابان انخفاضًا في صادراتها الشهرية إلى كوريا خلال الشهرين الأخيرين، كما انخفض الفائض التجاري الياباني مع كوريا بنسبة 25.5%. أيضا، انخفض عدد السياح الكوريين الذين يزورون اليابان بشكل كبير. ووفقًا لمعهد كوريا للأبحاث الاقتصادية، تشير التقديرات إلى أن اليابان خسرت 300 مليون دولار أمريكي من عائدات السياحة في شهري يوليو وأغسطس.

سامسونج هي الشركة الأولى بالعالم في تصنيع رقائق الذاكرة Memory chips تستحوذ على 40٪ من سوق رقائق ذاكرة الأجهزة، في 2018 بلغت عائدات تصدير كوريا الجنوبية منها نحو 127 مليار دولار (أغلب هذه الصادرات إلى الولايات المتحدة والصين)، تستحوذ شركتي سامسونج وإس كي هاينكس على أكثر من نصف حجم السوق العالمية لرقائق الذاكرة.

انخفضت أرباح سامسونج بنسبة بـ53٪ خلال النصف الثاني من 2019 متأثرةً بالحرب التجارية بين واشنطن والصين، بلغت أرباح الشركة.4.5 مليار دولار في الفصل الثاني من 2019 مقارنة بـ9.5 مليار دولار في بداية العام.

بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 84.6 مليار دولار في 2018 قامت كوريا بشراء المواد الأولية لأشباه الموصلات الـsemiconductors بما يعادل 11 مليار دولار، وتمثل اليابان المورد الرئيس للمواد الأوليَّة في صناعة رقاقات الذاكرة. اليابان تسيطر على 90% من الـfuolorinayed polyamides، وكذلك 90٪ من مادة الـphotorisests، وتستحوذ على 70٪ من إمداد الـhydrogen fluoride، سجلت اليابان فائضاً في ميزانها التجاري مع كوريا الجنوبية للعام 2018 بلغ 20.3 مليار دولار.

وأدى تصاعد التوترات إضافة إلى التباطؤ الاقتصادي، إلى تناقص صادرات كوريا الجنوبية إلى اليابان إلى الانخفاض بنسبة 6.2% سنوياً، بحلول شهر أغسطس الماضي. وانخفضت مبيعات السيارات اليابانية إلى كوريا الجنوبية، خلال الفترة ذاتها، بنسبة 57% نتيجة مقاطعة المستهلكين، وانخفض تعداد الزوار الكوريين الجنوبيين إلى اليابان بنسبة النصف.

نظرة اقتصاد كوريا الجنوبية

يعتمد اقتصاد كوريا الجنوبية على الصادرات بشكل كبير وتأثر سلبًا بالصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ سوق المواد الالكترونية، من المتوقع أن يسهم سوق سلسلة التوريدات أو الـ supply chain بنمو بنسبة 2% خلال النصف الثاني من 2019 مقابل 2.6% سابقًا، وقال البنك المركزي أن هذه أضعف وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية.

يحتل اقتصاد كوريا الجنوبية المركز الثاني عشر عالميًا والرابع في اقتصاد آسيا ويعتمد بشكل كبير على الطلب العالمي على الالكترونيات والطلب من الصين وتمثل الصادرات حوالي 45% من الناتج المحلي الإجمالي، والطلب الصيني يمثل حوالي 25% من إجمالي الطلب.

خفض البنك المركزي توقعاته للنمو من 2.5% إلى 2.3% خلال عام 2020 بسبب تراجع الصادرات وحجم الاستثمارات في المصانع الجديدة.

الجدير بالملاحظة أن اقتصاد كوريا الجنوبية لم يسجل نموًا على الإطلاق دون 2.5% لمدة عامين متتالين، ففي أعقاب الأزمة المالية العالمية تباطأ النمو من 2.8% إلى 0.7% ولكنه تعافى العام الذي يليه إلى 6.5%.

أبقى البنك المركزي على معدلات الفائدة عند 1.25% بعدما قام بخفض الفائدة مرتين هذا العام وقال إنه سيراقب مدى تطور المحادثات بين الولايات المتحدة والصين قبل اتخاذ قرارات أخرى.

انخفض الون الكوري بنسبة 6% هذا العام ومن المتوقع أن تتعرض العملات الأسيوية إلى ضغوطات بسبب حالة عدم اليقين بشأن الملف التجاري.

التضخم يستقر حاليًا قرابة 0.4% مقابل هدف البنك عند 2% ومن المتوقع أن يرتفع إلى 1% العام المقبل بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والنفط وليس بسبب زيادة الطلب.

قالت الحكومة بكوريا الجنوبية إنها ستطلق حزمة تحفيز مالية العام المقبل بعد موافقة البرلمان عليها، وتتوقع الحكومة إضافة حوالي 250 ألف وظيفة خلال 2020.

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.