ملامح اقتصاد "2030"

تم النشر 29/05/2020, 05:38

إلى أي مدى تُنذِر أوضاع الهشاشة الاقتصادية بعرقلة الجهود الرامية لخفض الفقر المدقع في العالم إلى 3% بحلول عام 2030؟ إن الخطر شديد، ويطرح توجيهات للعمل من أجل مواجهته.

ففي بداية الألفية، كان هناك شخص واحد من كل خمسة من فقراء العالم فقراء فقرا مدقعا يعيشون في بلدان هشة ومتأثرة بالصراعات. ومنذ ذلك الحين، انحسرت باطراد معدلات الفقر في الاقتصادات التي لا تعاني من الهشاشة أو الصراع، لكن عدد الفقراء في البيئات التي تعاني هذه الأوضاع استمر في الزيادة. ونتيجةً لذلك، يعيش اليوم نحو نصف فقراء العالم في مثل هذه البيئات. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإنه بحلول 2030، سيعيش 30% فقط من سكان العالم في بلدان تعاني الهشاشة أو متأثرة بالصراعات إلا أن هذه البلدان ستضم ما يصل إلى ثلثي فقراء العالم. و مع استبعاد الاقتصادات التي تعاني هذه الأوضاع، يمضي العالم في طريقه نحو تحقيق الهدف التاريخي إنهاء الفقر بحلول 2030. أما إذا أعدنا البلدان التي تعاني هذه الأوضاع إلى المعادلة، فإن ذلك قد يجعل الهدف العالمي بعيد المنال. ويتطلب التصدي لهذا التحدي اتخاذ إجراءات جريئة في البيئات التي تسودها أوضاع الفقر والهشاشة والصراع. وتشكل معالجة مشكلة نقص البيانات في هذه البيئات خطوة أولى مهمة على هذا الطريق.

ما انفك العالم يشهد زيادة مطردة في البيئات الهشة والمتأثرة بالصراع. فعدد النازحين قسريا في شتَّى أنحاء العالم زاد بأكثر من الضعف منذ عام 2012، متجاوزا 74 مليونا في 2018.

ليصل عدد الفقراء المدقعين الى ثلث سكان العالم ممن يعيشون في بيئات هشة ومتأثرة بالصراعات بحلول عام 2030، مما يظهر بجلاء أنه ما لم تُتخذ تدابير مكثفة للتصدي لهذه المشكلة، فلن تتحقَّق أهداف القضاء على الفقر في العالم .

يشير هذا التقرير إلى أن البلدان الثلاثة والأربعين التي تسجل أعلى مستويات الفقر في العالم تقع في بيئات هشة ومتأثرة بالصراعات أو في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء. ولم يطرأ أي تغير على معدلات الفقر التي زادت على 40% في العقد الأخير في الاقتصادات التي تواجه وضعا مزمنا من الهشاشة والصراع و الكوارث الطبيعية، في حين نجحت الاقتصادات التي أفلتت من هذا الوضع في خفض معدلات الفقر لديها بأكثر من النصف. واليوم، احتمال أن يكون الشخص الذي يعيش في اقتصاد يواجه وضعا مزمنا من الهشاشة والصراع فقيرا يبلغ عشرة أمثال الشخص الذي يعيش في بلد لم يشهد قط هذه البيئات في العشرين عاما الماضية.

"يوضِّح هذا التقرير بجلاء أن العالم يسير بسرعتين مختلفتين؛ ففي حين أصبح الفقر المدقع فيها أكثر ترسخا في البلدان الهشة، فإنه يتراجع بسرعة في بلدان أخرى. وما لم نتصدى لعوامل الهشاشة والصراع، فلن نتمكن من الانتصار في الحرب ضد الفقر المدقع.

زاد عدد مَن يعيشون بالقرب من مناطق الصراع - التي تُعرّف بأنها تبعد 60 كيلومتراً من منطقة وقع فيها على الأقل 25 حالة وفاة متصلة بالصراع، بواقع الضعف تقريباً منذ عام 2007، ويعيش واحد من بين كل خمسة أشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الآن بالقرب من الصراع.

يعيش 500 مليون شخص في اقتصادات تعاني من البيئات الهشة والمتأثرة بالصراع ولا تتوفر لديها بيانات عن الفقر أو لديها بيانات عفا عليها الزمن. وللتغلب على النقص الحاد في البيانات وإعداد تقديرات عن أوضاع الفقر في العالم في الوقت المناسب،تم استخدام إحصائية قدرت أن هناك 33 مليون شخص آخر من الفقراء المدقعين. ومن هذا الرقم، يعيش 17 مليون فقير آخر في بيئات هشة ومتأثرة بالصراع، مما يرفع نسبة الفقراء الذين يعيشون في هذه البيئات 7%.

تزيد احتمالات أن يعاني من يعيشون في البيئات الهشة والمتأثرة بالصراع من أوجه حرمان متعددة عن غيرهم في أماكن أخرى. فهناك واحد من بين كل خمسة أشخاص يعاني من الفقر النقدي ونقص خدمات التعليم والبنية التحتية الأساسية في الوقت نفسه. كما أن الاقتصادات التي تمر بأوضاع الهشاشة والصراع متأخرة كثيرا عن غيرها في جميع الجوانب المتعلقة برأس المال البشري - من حيث صحة المواطنين ومستوى التعليم والمهارات. وترتبط حالات الوفيات من جراء الصراع وضعف المؤسسات بانخفاض معدلات النمو الاقتصادي.

في حين أن الآثار المباشرة للصراع فاضحة وظاهرة للعيان، هناك انعكاسات طويلة الأجل يمكن أن تؤثر على الأجيال المقبلة. إذ انه من شأن التعرض لآثار الصراع في مرحلة الطفولة أن يؤدي إلى ضعف الحالة الصحية طوال الحياة، كما تتجاوز الآثار الصحية السلبية الجيل الحالي، حيث يحقق الأطفال الذين وُلدوا للضحايا الأصليين للصراع أيضا نواتج أسوأ.  وتؤدي خسائر رأس المال البشري بسبب الصراع إلى تراجع إنتاجية الأفراد ومستويات دخلهم خلال حياتهم، وتُقلِّص حراكهم الاجتماعي والاقتصادي.  

إن تصميم خيارات تتصل بالسياسات في الاقتصادات التي تمر بأوضاع هشة ومتأثرة بالصراع قد يتطلب تحليلا عميقا للكشف عن مؤشرات الهشاشة التي تستحق رصدا نشطا في الأوضاع الهشة وغيرها على السواء. وبناء على تحليل للمتغيرات المتعلقة بنظم الحوكمة والصراع والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وفي حين قد تساعد أنظمة الرصد والإنذار المبكر على تحديد البؤر الساخنة والعلامات الدالة على وجود تدهور، فإن تصميم سياسات وتدابير وقاية للتخفيف من آثارها يتطلب حتما فهما أفضل للآليات التي تسببت في اندلاع الصراع. ولتعظيم أثرها، يجب أن تراعي السياسات والبرامج في البيئات الهشة والمتأثرة بالصراعات خصوصية السياق، وأن تتسم بحسن التوجيه المكاني، وأن تسترشد بأولويات إستراتيجية واضحة.

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.