البريكست يعود للأضواء مرة أخرى، وجلب معه المزيد من المشاكل والضغوطات على المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكأن أزمة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية الكارثية ليسا كافيين.
فلماذا يُصير بوريس جونسون على الخروج دون اتفاق؟ وماذا يريد الاتحاد الأوروبي؟ وما هي التداعيات الاقتصادية على الاقتصاد البريطاني المتضرر من كورونا بالفعل؟ وماذا ينتظر الإسترليني؟
» ماذا حدث لإشعال الأحداث مرة أخرى؟
في يونيو الماضي، قال بوريس جونسون إنه "لا يوجد سبب" لعدم إتمام ورسم الخطوط العريضة لاتفاق بريكست بنهاية يوليو. ولكن جاء هذه الموعد النهائي ولم يحدث شيء. لذلك، أبلغ جونسون هذا الأسبوع الاتحاد الأوروبي بأنه يجب إبرام صفقة تجارة حرة بحلول 15 أكتوبر القادم، وإلا ستمضي المملكة المتحدة قدمًا في الخروج ولكن دون اتفاق.
كما حاول رئيس الوزراء البريطاني التقليل من مخاوف البريكست بلا اتفاق، مدعيًا أن سيناريو عدم التوصل لاتفاق سيكون مفيدًا للمملكة المتحدة، وسيمنحها السيطرة الكاملة على "قوانينها وقواعدها ومياه الصيد". وأضاف جونسون: "ستكون لدينا الحرية في عقد صفقات تجارية مع كل دولة في العالم."
» ماذا قالت المملكة المتحدة؟
- أنها ليست على استعداد للتراجع عن حقوق الصيد، وضمانات تكافؤ الفرص، مما تسبب في تعطيل المفاوضات.
- كشفت المملكة المتحدة هذا الأسبوع عن نيتها لخرق بنود اتفاقية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وازدادت الأمور سوءًا عندما أرسلت بروكسل إنذارًا لبريطانيا وتطالبها بالتخلي عن خرق بنود الاتفاقية، ولكن رفضت حكومة جونسون هذا الإنذار. ومع انتهاء الجولة الأخيرة من المحادثات دون أي مؤشر على إحراز تقدم، قال كبير المفاوضين "ميشيل بارنييه" إن بروكسل ستكثف الاستعدادات للتعامل مع بريكست دون اتفاق عند انتهاء الفترة الانتقالية في 31 ديسمبر 2020.
» ماذا يريد الاتحاد الأوروبي؟
- أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لخروج بريطانيا من الكتلة باتفاق أو بدونه، بل أنه يتأقلم بفاعلية أكبر مع سيناريو "لا اتفاق" بالنظر إلى الظروف الحالية.
- يريد الاتحاد الأوروبي أن توافق المملكة المتحدة على اتباع قواعد الاتحاد الخاصة بالمنافسة العادلة والمفتوحة حتى لا تتمكن الشركات البريطانية، التي تتمتع بوصول خالي من الرسوم الجمركية إلى سوق الاتحاد الأوروبي، من تقويض منافستها الأوروبية.
- لن تسمح للمملكة المتحدة بالوصول لسوق "عالي الجودة" ما لم تلتزم بالمعايير الاجتماعية والبيئية للاتحاد الأوروبي.
- تريد الكتلة أيضًا أن تتمتع محكمة العدل الأوروبية بسلطات قانونية لمراقبة أي اتفاقية تجارة حرة يتم التوصل إليها بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
» ماذا يعني "بريكست بلا اتفاق" للاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة؟!
1) التعريفات والرسوم الجمركية:
- ستلتزم بريطانيا بشروط منظمة التجارة العالمية اعتبارًا من 1 يناير 2021. وكل عضو في المنظمة لديه قائمة بالتعريفات والحصص التي يطبقونها على البلدان الأخرى.
- ستطبق المملكة المتحدة التعريفات على البضائع القادمة من الاتحاد الأوروبي.
- سيطبق الاتحاد الأوروبي التعريفات الخاصة بـ "الدول الثالثة" - الدول خارج الكتلة - على المملكة المتحدة.
» هذا يعني أن المملكة المتحدة ستتعرض لضرائب ضخمة عندما تحاول بيع منتجاتها في سوق الاتحاد الأوروبي. ويبلغ متوسط تعريفات الاتحاد في منظمة التجارة العالمية 11.1٪ للسلع الزراعية و15.7٪ للمنتجات الحيوانية و35.4٪ لمنتجات الألبان. وحاليًا، التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي معفاة من الرسوم الجمركية. وفي حالة الخروج دون صفقة، 90٪ من صادرات البضائع البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي ستخضع للتعريفات الجمركية، وفقًا لاتحاد الصناعة البريطانية.
2) الحدود:
- سيبدأ الاتحاد الأوروبي في فرض عمليات فحص الحدود على منتجات المملكة المتحدة اعتبارًا من 1 يناير 2021.
- اعترفت حكومة المملكة المتحدة بأنها تتوقع طوابير ضخمة على الحدود وتأخيرات مستمرة لمدة ستة أشهر أو أكثر في المملكة المتحدة إذا غادرت دون التوصل لاتفاق.
3) وأخيرًا: التداعيات الاقتصادية على الاقتصاد البريطاني:
- التعامل وفقًا لشروط منظمة التجارة العالمية سيكون ضارًا للغاية بالاقتصاد البريطاني. فقواعد المنظمة من شأنها أن تبطئ تعافي بريطانيا من فيروس كورونا.
- التصدير: تُصدر بريطانيا ما يقرب من نصف (46٪) بضائعها إلى الاتحاد الأوروبي، مما يجعله أكبر سوق تصدير للمملكة المتحدة. ويعتمد اقتصاد المملكة المتحدة بشكل كبير على صناعة الخدمات، ويشكل مقدمو الخدمات البريطانيون 79٪ من اقتصاد المملكة المتحدة ويمثلون 45٪ من الصادرات. وسينهار كل ذلك، مع تعرض سلاسل الإمداد والتوريد لضربات مدمرة من التعريفات الجديدة.
- الخدمات المالية: ستصبح مكانة لندن كمركز مالي عالمي في خطر. ولكن سيحاول الاتحاد الأوروبي التوصل لـ "صفقات صغيرة" لتجنب المخاطر، لأن الاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل كبير على بريطانيا في الخدمات المالية ورأس المال.
- التجارة: ستفقد بريطانيا العلاقات التجارية المستمرة مع الـ 72 دولة التي لديها صفقات مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك كندا وتركيا.
- التكنولوجيا: بلغت قيمة تجارة الخدمات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي 89 مليار جنيه إسترليني العام الماضي، وكلها تعتمد بشكل كبير على نقل البيانات عبر الحدود. وحتى الآن، أعلنت بريطانيا أنها ستسمح للبيانات بالدفق بحرية بينهم، ولكن لم يوضح الاتحاد الأوروبي نيته بالتعامل بالمثل. ولكن، في بيئة سياسية صحية بين الطرفين، ستستمر البيانات في التدفق دون أي مشاكل.
- الجنيه الإسترليني: يعتقد بعض المحللين أن الجنيه قد يتساوى مع قيمة اليورو، فـ "بريكست بلا اتفاق" سيؤدي إلى انهيار قيمة الجنيه بشدة.