مقدمة:
عشرة آلاف نقطة يفقد داو جونز في أقل من شهر من قيمته عندما كان عدد حالات كورونا في العالم 40 ألف حالة وعندما بلغت الحالات 40 مليون حالة في العالم استعاد الداو جونز ما فقده أيضا 10 آلاف نقطة.
من الممكن القول إن الصدمة تم المبالغة بها وتم التسويق عن فيروس كورونا بخطورته أكثر مما كان من الممكن أن توصف ومن الطبيعي أن تستجيب الأسواق لمثل هذا التسويق بفزع كبير مبالغ به وخصوصا أنه لم تكن هناك وقائع واضحة وتعريف واضح للفيروس وبعض الفيديوهات المرعبة التي تم نشرها من الصين عن المصابين به.
والآن بعد وجود معرفة شبه كاملة حول فيروس كورونا ومدى خطورته على الرغم من عدم توفر العقار المناسب بعد وعلى الرغم من تأكيدات على امكانية توفر لقاح قريب لكنه فعليا بعيد قد يحتاج لأشهر بعد توفره للقيام بتصنيعه وتأمين الكمية اللازمة للعالم، وعليه ماذا نتوقع للأسواق في الموجة الثانية.
الفرق بين العلاج واللقاح:
العلاج هو توفر دواء قادر على القضاء على الفيروس لدى الشخص المصاب.
أما اللقاح فهو توفر دواء قادرا على منع الشخص السليم من الاصابة.
وعليه فإن اللقاح هو مرحلة متقدمة من العلاج لأنه يحتاج إلى فك شيفرة الفيروس والدواء عبارة عن فيروس مشابه في جيناته للفيروس الأصلي لتتعرف عليه دفاعات الجسم وتتكون مناعة للشخص السليم ضده، وبهذا فإن السيطرة الكاملة على المرض تأتي في مرحلة اللقاح وقد لا يوجد مثل هذا اللقاح أساسا وعلينا التعايش مع المرض مثله مثل العديد من الأمراض الأخرى - كالإنفلونزا الموسمية مثلا أو الإيدز.
حقيقة الموجة الأولى:
كما ذكرنا تصرفت الأسواق بشيء من الحقيقة والكثير من السياسة لأصحاب المصالح فلم يكن هبوط الأسواق يستحق كل ذلك ولم يكن ارتفاعها يستحق ذلك أيضا. فعادت الأسعار إلى ما كانت عليه قبل كورونا وكأن شيئا لم يكن وهذه الأسعار وهمية ولا تمت بأي صلة بالواقع لا من قريب ولا من بعيد.
المشاريع الصغيرة تضررت، الكثير من المتاجر أفلست، والعديد من الشركات الكبيرة أفلست. أضرار بالجملة على العديد من القطاعات وتحجيم للكثير من المستهلكين لاستهلاكهم بسبب عدم وجود الدخل المناسب للإنفاق والكثير من الحقائق التي تم التكتم عنها لأسباب اقتصادية وسياسية.
هذا لا ينفي أن بعض القطاعات استفادت من الأزمة ولا ينفي حقيقة أن هناك المستفيدين وهناك المتضررين لكن لا يمكن الجزم بأن المستفيدين هم أكثر من المتضررين.
فما الذي دفع مؤشر داو جونز مثلا لاستعادة ما خسره قبل أزمة كورونا ؟اذا قلت لي أنه بسبب الانفاق الحكومي و ضخ السيولة والمساعدات التي قدمتها البنوك و السياسات النقدية فإن هذا الارتفاعات التي حصلت مجرد وهم لأنه في النهاية تعتمد هذه الشركات على المستهلك النهائي للسلع و الخدمات و إذا كان قد خسر أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم وظائفهم و حسب إحصاءات مكتب العمل في الولايات المتحدة أن أكثر من 50 بالمئة من سكان أميركا باتت بالعمل , ما عداك عن جزء كبير من العمال و الموظفين الذين انخفضت مرتباتهم بسبب ضعف ايرادات أصحاب العمل أنفسهم , فكيف نفسر القيمة الحقيقية لمؤشر الداو جونز مقارنة بالقيمة السوقية ؟
تسعى أميركا وأولهم ترامب على المحافظة على مكاسب الأسواق وذلك فقط لكيلا تُري للعالم عجزها وضعفها و للأسف فإن أسعار الأسهم والمؤشرات في العالم تتبعها بشكل ضمني حتى ولو لم تكن صحيحة. أينما كنت عزيزي القارئ انظر إلى الأسواق هل ترى أن استهلاك العالم الآن مثلما كان قبل الجائحة؟
بالطبع من يمتلك المال الوفير لن يتأثر استهلاكه كما يؤثر على أصحاب الطبقة العادية والفقيرة لذلك انظر حولك أيضا وقارن وستعرف حقيقة الأمر.
ناهيك عن أن الأسواق تأخذ تأثير كورونا على الدول الكبرى وتتجاهل الدول الأخرى وبهذا التجاهل فهي تتجاهل نصف استهلاك الكوكب.
الموجة الثانية لكورونا:
أولا اليك الرسم الذي يوضح الموجة الثانية في عدد الاصابات العالمية:
ولكي تتضح الأمور أكثر سنأخذ مثال للموجة الثانية في فرنسا و بريطانيا
إذا بدأت الموجة الثانية لكورونا بشكل أعنف وأسرع وأقوى من سابقتها قد يكون عدد الوفيات تباطأ نتيجة لأن المرض مميت لأصحاب الجسم الضعيف أولا وعليه فإن الوفيات نسبة إلى الاصابات ستقل في مرحلة ما حتما.
بدأت فرنسا وبريطانيا لمحاولة الإغلاق مرة ثانية، على الرغم من المكابرة والتأخير فإن ذلك كان مقدرا للحصول عاجلا أم آجلا وقريبا وغالبا ما سنرى اغلاقات في الحكومة الأمريكية رغم عنادها وعلى أولهم ترامب بعدم الإغلاق.
المشكلة الأساسية ليست بالإغلاق والحظر، المشكلة بالتعامل مع الأزمة بطريقة ذكية وان قررت الحكومات الافتتاح فلا بد من أن يكون نسبيا ومحاولة التقييد للحركة.
حركة الأسواق في الموجة الثانية:
لا شك من أن الأسواق ستتأثر بالموجة الثانية ولكن لا بد من التأكيد أن الأسواق اكتسبت خبرة من حركة الموجة الأولى وعليه وإن حدث انهيار وغالبا أنه سيحدث لكنه لن يكون كسابقه، سيكون انهياراً أقل وطأة وأكثر حذرا من القيام بعمليات بيع مفرطة في الأسواق لعدة أسباب أهمهم:
أولا: أن من باع بشكل مفرط وعندما عادت الأسواق إلى ما كانت عليه ندم بشكل كبير على تخليه عن أسهمه بأسعار متدنية لم تأخذ وقتا كبيرا للتعافي والرجوع إلى أعلى ما كانت عليه.
ثانيا: أن المستثمر الذي لم يشترى من أسعار متدنية خوفا من انهيار أكبر أيضا ندم بشكل كبير لتفويت فرصة تعود بالربح الكبير بفترة قصيرة نسبيا أي فوت على نفسه شراء شيء بنصف ثمنه أو أقل.
ثالثا: أن السياسات النقدية والبنوك أصبحت قادرة على استيعاب الأزمة وأصبحت لديها الخبرة الكافية للتعامل مع الأزمة وإن تفاقمت.
تقبل جميع التعليقات والانتقادات، يرجى إثراء هذه المقالات بالتعليقات وأيضا الانتقادات لنسعى لتحسين مستوى أدائنا دائما.
ملاحظة:
هذا المحتوى مجرد آراء وتحليلات المؤلف واجتهاد شخصي وليست توصيات مباشرة، فإن أصبنا ادعوا لنا. وإن أخطئنا فاعذرونا.
القرار النهائي يعود للمستثمر والمضارب في تحديده الاتجاه.