أربع نتائج محتملة للانتخابات الأمريكية ولا بديل عنهم: موجة حمراء (سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض)، أو موجة زرقاء (سيطرة الديمقراطيين على مجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض)، أو حكومة منقسمة (بين الديمقراطيين والجمهوريين)، أو نتيجة متنازع عليها/مؤجلة. فماذا ينتظر الدولار في كل سيناريو؟
ولقد رأينا مؤخرًا كيف يمكن للإدارة المنقسمة أن تسبب أزمات، بعدما تعّذر على الديمقراطيين والجمهوريين الاتفاق على حزمة التحفيزات الجديدة لمواجهة تبعات فيروس كورونا. وفي نهاية المطاف، فإن الحكومة التي تتمتع بالسيطرة الكاملة على الكونجرس والبيت الأبيض تعني صعود الأسواق والدولار، وقد تكون الموجة الزرقاء أكثر تفاؤلًا للأسواق من سيطرة الجمهوريين. فكيف سيؤثر فوز بايدن على الدولار؟ وماذا سيحدث للعملة الخضراء إذا فاز ترامب بولاية ثانية؟
» أولًا: الدولار والموجة الزرقاء وفوز جو بايدن:
- أحد أكبر الجدالات وأكثرها إثارة للاهتمام هو ما إذا كان سيناريو "الموجة الزرقاء"، السيناريو الأقرب للحدوث، أمرًا إيجابيًا أم سلبيًا للدولار. إذ تقضي الحكمة التقليدية أن فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة قد يؤدي إلى زيادة الإنفاق الضخم والضرائب مما سيؤدي إلى ضعف الدولار، ولكن يعتقد الكثيرون الآن أن وجود أيدي آمنة ومستقرة في الإدارة تقود التعافي الأمريكي من جائحة كورونا، هو ما يحتاجه الدولار للانتعاش والصعود مرة أخرى.
1) هبوط الدولار تحت إدارة بايدن:
- في هذا السيناريو التقليدي والمتوقع من الأغلبية، من الطبيعي أن تكون "الموجة الزرقاء" سلبية للدولار نظرًا لأن الطريق أمام بايدن سيكون سلسًا لتمرير حوافز مالية ضخمة بقيمة 3.5 تريليون دولار. وسيؤدي هذا التحفيز إلى زيادة عجز الميزانية بشكل كبير (وهي مرتفعة بالفعل)، وبيع عوائد السندات الأمريكية (بسبب ارتفاع العائدات) بالتزامن مع ارتفاع توقعات التضخم. والنتيجة؟ سيتدخل الاحتياطي الفيدرالي ويقوم بمزيد من عمليات شراء الأصول (التيسير الكمي) لكبح ارتفاع عائدات السندات.
وكذلك، رغبة الديمقراطيين في رفع ضرائب الشركات إلى 28٪ من شأنها أن تقلل القدرة الشرائية للمستهلكين وإضعاف الميزة التنافسية للولايات المتحدة مع زيادة أسعار المنتجات الأمريكية وفتح أسواقها أمام التجارة الدولية مع أوروبا والشرق الأقصى. كما ستخرج الاستثمارات ورأس المال من أمريكا هروبًا من الضرائب المرتفعة. فهذا البيئة سلبية للدولار، وستجبره على الهبوط.
2) صعود الدولار تحت إدارة بايدن:
- أما الفريق الأخر، يرى أن اكتساح الديمقراطيين (الموجة الزرقاء) سيكون في الواقع إيجابيًا للدولار، على الرغم من أنهم أقل تصالحًا مع وول ستريت. فمن وجهة نظرهم أن الجمع بين التحفيز المالي الهائل ومعدل تضخم مرتفع نسبيًا، بجانب سعي الفيدرالي إلى رفع التضخم أكثر لإنعاش الاقتصاد من ركود فيروس كورونا، قد يُعيد للولايات المتحدة مكانتها كقبلة رأس المال العالمي مرة أخرى. وهذا سيدعم الدولار كثيرًا، وقد نشهد في هذه البيئة حينها: ارتفاع العملة الخضراء والذهب معًا مع ارتفاع توقعات التضخم وعودة الاستثمارات إلى أرض الأحلام، أمريكا.
» ثانيًا: الدولار والموجة الحمراء وولاية ترامب الثانية:
- فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية 2020، بجانب أغلبية الجمهوريين في الكونجرس (مجلسي النواب والشيوخ)، هو أمر إيجابي للغاية للأسواق. فهي إشارة على استمرار الوضع الراهن، الذي حفظته الأسواق وتعلمت التعايش معه وتوقع تحركاته. وبغض النظر عن الحرب التجارية بين أمريكا والصين، كانت سياسات ترامب ملائمة للأعمال والأسواق والدولار.
ومن شأن تأمين دونالد ترامب لولاية ثانية الحفاظ على قوة الدولار الأمريكي، إذ من المرجح أن يواصل خطابه العدائي مع الصين وأوروبا فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية والسياسات. ومن أهم أحد شعارات ترامب، "Make America Great Again"، ولتحقيق هذا الهدف، تعهد بمزيد من التخفيضات الضريبية، مما سيزيد الإنفاق والإنتاجية.
» ثالثًا: سيناريو الحكومة المنقسمة:
- الحكومة الأمريكية منقسمة حاليًا، البيت الأبيض ومجلس الشيوخ جمهوري ومجلس النواب ديمقراطي. لقد رأينا مؤخرًا حالات الجمود التي يمكن أن يسببها مثل هذا التقسيمة عند محاولة تمرير حزم مالية حاسمة. وفي ظل الإدارة المنقسمة، لا يمكن تحقيق الكثير وستتباطأ معدلات الاستجابة للأزمات - وهذا أمر مقلق خاصة عند محاولة الخروج من أزمة اقتصادية بسبب وباء عالمي كما نحن الآن.
لذا، في حين أن الإدارة المختلطة يمكن أن تمنع إدارة بايدن من زيادة الضرائب واتخاذ إجراءات صارمة ضد صناعة النفط الصخري الأمريكي، إلا أنها قد تحرم الاقتصاد الأمريكي من حزم التحفيز وتعيق الانتعاش، مما سيضر الدولار الأمريكي.
» رابعًا: نتيجة متنازع عليها:
- إذا مرت الانتخابات بدون فائز واضح، فسيتم إعادة فرز الأصوات. كما هدد الرئيس ترامب في أكثر من التصريح بأنه سيعترض على النتيجة ولن يقبلها إذا خسر بسبب تشكيكه في التصويت بالبريد. ومع أزمة كورونا، شهدنا زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين عبر البريد، مما قد يؤجل النتيجة لبضعة أسابيع لصعوبة جمع الأصوات. وفي هذا السيناريو، سنرى فوضى عارمة في الأسواق وسيشهد الدولار تقلبات عنيفة.
وفي النهاية، عام 2020 هو عام استثنائي وغير مسبوق حتى الآن، لذلك لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستكون مختلفة. ومع وجود الكثير من الأمور المجهولة والمتضاربة، فقد يزداد تقلب الدولار في الفترة بعد يوم الانتخابات حتي تتضح الرؤية وتستقر الأوضاع، وحينها سنعلم اتجاه الدولار في المستقبل.