يستمر الأداء القوي للذهب بجذب انتباه المتداولين في أسواق المال مع تمكن المعدن الأصفر من استعادة مستويات 1900 والانطلاق أعلاها بقوة لمستويات هي الأعلى له منذ شهرين ليبدأ عام 2021 بانطلاقة قد تكون بمثابة بداية عام ذهبي بامتياز في ظل العديد من العوامل التي ترجح كفة الذهب خلال العام الجديد.
فعام 2021 يبدأ محملا بارثا كبيرا من عام 2020 المؤلم ولا تزال حالة عدم اليقين هي المسيطرة في الأسواق نتيجة مجموعة كبيرة من العوامل والتي تتمثل في التالي:
- التراجعات القوية على الدولار الأمريكي لازالت تشكل نقطة قوة للذهب المسعر بالدولار والعلاقة العكسية ما بين الذهب والدولار نراها في اقوى حالاتها حاليا في ظل تخلي الأسواق عن الدولار كنتيجة للسياسات المالية والنقدية العنيفة من الحكومة الامريكية والفيدرالي الأمريكي والتي شكلت ضغطا على الدولار العام الماضي ولازالت تشكل ضغوطا كبيرة على الدولار وبالتالي تدفع بالذهب للارتفاع بقوة.
- تعرض الذهب لضغوط قوية خلال الربع الرابع من العام الماضي بعد حالة التفاؤل بالإعلان عن التوصل لمجموعة من اللقاحات لفايروس كورونا والتي اعادت نوعا من الامال للأسواق بوجود نهاية لجائحة كوفيد 19 ولكن الأسواق سرعان ما تعاملت مع المدى القصير والمتوسط والذي يحمل الكثير من التحديات أهمها قدرة هذه اللقاحات فعليا على مواجهة الجائحة والفترة الزمنية التي سيحتاجها العالم لوصول اللقاح لاكبر عدد ممكن من العالم وكذلك عاد التركيز من جديد على أعداد الإصابات والوفيات والتي تزايدت بشكل كبير وبشكل خاص في بريطانيا وظهور سلالة جديدة من الفايروس التي تشكل تحديا بإمكانية تحور الفايروس ليكون قادرا على تحدي التطور في اللقاحات. كل هذا يضاف اليه معايير مواجهة الحائحة التي بدأت تشكل تحديا للعديد من اقتصادات العالم الكبرى نتيجة إجراءات الاغلاق وتوقف الاقتصاد في هذه الدول وما يمكن أن ينعكس نتيجته على أداء الاقتصاد خلال العام الجاري. كل هذا كان سببا في عودة الأنظار الى الاستثمار الامن التقليدي المتمثل بالذهب.
- كذلك فالسياسة الأمريكية لازالت تلعب دورا كبيرا في التأثير على اتجاه الذهب، حيث أن فوز بايدن وحده لم يكن كافيا لتحريك الأسواق وبقيت الأنظار نحو من من المسيطر على الكونجرس الأمريكي، لتأتي انتخابات الإعادة في ولاية جورجيا لمقعدي مجلس الشيوخ لتشكل نقطة مهمة في تحديد من المسيطر وهل سيكون السيطرة للديمقراطيين وهو ما يزيد من الدعم للرئيس الأمريكي الجديد في تمرير السياسة المالية التوسعية التي وعد بها وهو ما سيكون له اثر كبير على اتجاه الذهب لاكمال صعوده بقوة أم أن الجمهوريون سيكونون قادرون على السيطرة على الكونجرس وتشكيل تحدي امام الرئيس بايدن في قدرته على تمرير سياساته بسهولة وهو ما يقلل من مخاوف السياسة المالية التوسعية مما سيقلل من سرعة ارتفاعات الذهب.
كل ما سبق يمكن اعتباره جزء من الكثير من التحديات التي تواجه العالم في 2021 وتجعل الذهب هو الخيار الأكبر للمستثمرين الباحثين عن الأمان في ظل الفوضى التي تسبب بها ارث عام 2020.
من جانب آخر، فالنواحي الفنية تحولت لصالح الذهب بعد تمكنه من تجاوز خط اتجاه هابط خلال الفترة الماضية استمر من القمة التاريخية عند 2075 هبوطا لقمة سابقة عند 1965 التي اختبرها في نوفمبر الماضي ليتمكن مع بداية العام الجاري من كسر خط الاتجاه بتخطي مستوى 1900 الذي كان يحمل أهمية كبيرة كمستوى مقاومة ودعم سابق وكذلك كمستوى نفسي والاهم كونه يمثل نقطة التحول في الاتجاه الهابط نتيجة وجود نقطة اختراق خط الاتجاه الهابط عند ذلك المستوى.
إلا أن الأهم حاليا يبقى بإمكانية الذهب تخطي مستوى المقاومة الحالي عند 1965 والتي قد تعيدنا نحو قمته التاريخية أو أن المقاومة ستكون قادرة على كبح جماح الذهب لفترة قبل عودته للانطلاق بقوة.
كل هذا ستحدده الأيام القادمة ومدى التطور في إجراءات الاغلاق لمواجهة جائحة كورونا وكذلك النتيجة التي ستظهرها انتخابات الإعادة لمقعدي مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا ولكن المؤكد هو أن التقلبات على المعدن الأصفر ستكون أعلى بكثير من معدلاتها والتحركات القوية للذهب ستبقى المسيطرة على انتباه المستثمرين خلال الفترة المقبلة.