كان عام 2020 هو عام الذهب حيث ارتفع الى أعلى مستوياته عند 2070 دولار للأونصة بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19) وارتد الذهب من تلك المستويات وبدأ في مرحلة هبوط حتى لحظة كتابة هذا المقال مع إقفال اليوم عند مستويات 1725 دولار للأونصة، فما هي أسباب انخفاض الذهب؟
الذهب هو معدن الملاذ الآمن الذي لا يصدأ، لذلك يلجأ إليه الأفراد والمستثمرين وصناديق التحوط كمخزن للقيمة وأداة للتحوط من تضخم الأسعار في أوقات الأزمات وعدم اليقين. ففي تلك الأوقات يعزف المستثمرين عن المخاطرة في الأدوات الاستثمارية الأخرى ويلجؤون لشراء الذهب مما يزيد من الطلب عليه ويدفع أسعاره للصعود وهذا ما حدث في عام 2020 نتيجة جائحة وباء فيروس كورونا الذي أدى لإغلاق عالمي لكل الدول مما أثر بشكل مباشر على اقتصاديات الدول والعالم ككل ولكن برغم استمرار وجود الوباء إلا أن أسعار المعدن الأصفر بدأت رحلة هبوط من أعلى الأسعار ولم تعود إليها منذ ذلك الحين، فدعنا نستعرض أسباب تراجع أسعار الذهب
اكتشاف العديد من لقاحات كورونا
بدأت الحرب بين شركات الأدوية العالمية في محاولة تصنيع لقاح لفيروس كورونا، فبدأنا نرى إعلان عن لقاح تلو الآخر بدءا من لقاح شركة فايزر (NYSE:PFE) مرورا بأسترازينيكا ثم اللقاح الصيني ثم موديرنا وأخيرا جونسون آند جونسون صاحب الجرعة الواحدة. تفاوتت نسب نجاح كل لقاح عن الآخر ضد سلالة او أكثر من الفايروس ولكن بقي الطلب العالمي متزايد على جميع اللقاحات في محاولة لاحتواء انتشار الوباء السريع.
إعادة الفتح الجزئي والكامل للدول
سعت العديد من الدول إلى سرعة إعادة فتح حدودها وأنشطتها التجارية في محاولة لإنقاذ اقتصادها من الركود وعملت على أخذ التدابير الاحترازية والوقائية الصارمة لمحاولة الوزن بين تقليل عدد الحالات المصابة بالتزامن مع زيادة توافر اللقاحات.
سياسات حزم التحفيز
قامت العديد من البنوك المركزية وعلى رأسهم البنك الفيدرالي الأمريكي بسياسات تحفيزية من شأنها إنعاش الاقتصاد وانتشاله من مرحلة ركود شبه مؤكدة، الغريب في الأمر أن التحفيز عادة ما يدعم أسعار الذهب للصعود نتيجة الضغط على الدولار الأمريكي بزيادة المعروض ولكن ما حدث هنا كنا له بعد أخر نتيجة الظروف المختلفة التي يعيشها العالم، ففي تلك المرة التحفيز جاء في غير صالح الذهب إذ ان جزء من تلك الأموال التي سيتم صرفها للشعب الأمريكي ستكون من نصيب بعض الأسهم الأمريكية ودخول مستثمرين جدد لعالم أسواق المال مما أدى لارتفاع شهية المخاطرة في الأسواق التي أدت بطبيعتها الى ارتفاعات غير مسبوقة في مؤشرات الداو جونز الأمريكي.
ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وبداية قوة الدولار الأمريكي
فبعد هبوط دام سنة، يبدأ الدولار الأمريكي في استعادة قوته من جديد مدعوما بارتفاع عوائد سندات الخزينة التي تهافت على شرائها العديد من الأفراد والمؤسسات كأداة تحوط نتيجة الخوف من السياسة المالية المرنة التي يتبعها محافظ البنك الفيدرالي "جيروم باول" حيث صرح بأنه ليس لديه نية للتدخل او التحكم في أسعار السندات.
ارتفاعات العملة المشفرة البيتكوين
اتجهت انظار العالم الى بريق جديد غير ملموس في الأسواق وهو "البيتكوين" حيث شاهدنا ارتفاعات في الأسعار غير مسبوقة متفوق بها على كل الأصول المالية الأخرى مما دفع كبرى الشركات الى الاستثمار المباشر في العملة المشفرة وكذلك صناديق التحوط اعادت توزيع استثماراتها ما بين 25% بيتكوين و75% ذهب مما ضغط على أسعار الذهب مباشرة نتيجة تحويل حصة ليست بقليلة من السوق الى البيتكوين.
تراجع إقبال الطلب العالمي على الذهب كمجوهرات
الكثير لا يعلم ان 50% من كمية الذهب تذهب لسوق المجوهرات مما يعطي تلك الأسواق التأثير الأكبر في قيادة أسعار الذهب. فقد عزف الأفراد عن شراء الذهب كـ "حلي" في ظل أزمة الجائحة وتصريف العديد من الشركات لعمالها نتيجة الإفلاس او لتقليل النفقات نتيجة تكبد خسائر عديدة، فقد فضل العديد من الناس بي الاحتفاظ بي أموالهم لمواجهة المستقبل الغير المعروف ولجأ البعض للاستثمار في الأوراق المالية المختلفة الأقل مخاطرة.
مع كل هذه العوامل يظل الضغط يسيطر على أسعار الذهب ونشهد انخفاضات ملحوظة بين الحين والأخر ولكن يبقى السؤال إلى متى؟ وهل سيعود بريق المعدن الأصفر يلمع في الأسواق من جديد؟
أحمد حسني