واصلت مؤشرات الأسهم الأمريكية ارتفاعاتها، بينما واصل الدولار تراجُعه بعد صدور مؤشر أسعار المُستهلكين الأمريكي عن شهر مارس الماضي الذي أظهر ارتفاع شهري ب 0.6% في حين كان المُنتظر ارتفاع ب 0.5% مع ارتفاع سنوي ب 2.6% في حين كان المُتوقع ارتفاع ب 2.5%، أما باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة فقد جاء على ارتفاع شهري ب 0.3% في حين كانت تُشير التوقعات لارتفاع ب 0.2% مع ارتفاع سنوي بلغ 1.6% في حين كان المُنتظر صعود ب 1.5% فقط.
البيان كان مُتوقع إلى حد بعيد ورُبما كان ينتظر البعض صعود أكثر من ذلك، لذلك كان رد فعل أسوق الأسهم وأداء الدولار بهذه الصورة، فقد كان من المُنتظر خلال هذا الربيع أن تُظهر بيانات التضخُم السنوية ارتفاعات استثنائية مرحلية بطبيعة الحال لتُعكس حالة الجمود الاقتصادي الاستثنائية التي شهدها العالم بدايةً من فصل الربيع الماضي الذي هبطت خلاله أسعار النفط والمواد الأولية لمُستويات قياسية مُتدنية بسبب تفشي الفيروس وضبابية المشهد حينها.
بينما يُشير الوضع الحالي إلى تحسُن واضح في الطلب وفي مُعدلات التشغيل بعد تواجُد عدة لقاحات لمواجهة الفيروس وبعد الجهود التي بُذلت بالفعل من جانب الحكومات والبنوك المركزية لتحسين الأداء الاقتصادي وخفض حالة عدم التأكُد التي كانت تضغط على الإنفاق على الاستثمار والإنفاق على الاستهلاك، ما أسهم في تزايد أسعار المواد الأولية والطاقة للمُستويات الحالية مع ارتفاع التوقعات بتزايُد الطلب عليها مع مرور الوقت الأمر الذي يدعم بدوره التضخُم بشكل عام.
بينما جاء عن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في حديث لقناة CBS صدر خلال عطلة نهاية الأسبوع قوله "إنه يريد أن يتجاوز التضخم مُعتدل ال 2% الذي يستهدفه الفدرالي بشكل مُعتدل لبعض الوقت لكنه لا يريد تجاوز لهذا المُعدل ينحدر بعده التضخم لمُستوياته مُتدنية القديمة".
كما أشار إلى ارتفاع التضخُم المرحلي المُنتظر "نتيجة الجمود الاقتصادي في فصل الربيع الماضي،" إلا أنه قلل من شأن مخاطره وتوقع أن يكون مؤقت لكنه صرح في نفس الوقت بأن الاقتصاد الأمريكي أصبح الآن في وضع تضخُمي وعلى أعتاب تسارُع في النمو بفضل سياسات الفدرالي التوسعية وما تم إدراجه من خطط تحفيزية من جانب الحكومة بالإضافة إلى سرعة وتيرة التلقيح ضد الفيروس إلا أنه أبدى في نفس الوقت قلقه من احتمال عودة انتشار الفيروس بطريقة أو بأخرى مع عودة تشغيل الاقتصاد بشكل كامل.
كما جاء في نفس السياق عن نائبه ريتشارد كلاريدا قوله إنه لا يتوقع رفع لمُعدلات الفائدة قبل حدوث تقدُم كبير على مسار النمو والتضخُم الذي ينتظر صعوداً مرحلياً في الفترة القادمة وأيضاً داخل سوق العمل الذي رغم التقدُم الذي أحرزه، إلا أنه لا تزال هناك فجوة عميقة داخله نتيجة ما أحدثه الفيروس.
وهو ما لا يختلف كثيراً عما جاء الأسبوع الماضي في وقائع الاجتماع الأخير للجنة السوق المُحددة للسياسة النقدية في الولايات المُتحدة أو صدر بعد هذا الاجتماع في السابع عشر من الشهر الماضي بعد قبول مجلس النواب ومجلس الشيوخ بخطة ال 1.9 ترليون لمواجهة الآثار السلبية للفيروس، ما أدى لرفع الفدرالي لتوقعاته بالنسبة للنمو والتضخُم وأداء سوق العمل ايضاً في الولايات المُتحدة التي تنتظر بحث الكونجرس لخطة بايدن الجديدة لدعم الاقتصاد والمُقدرة بقيمة 2.25 تريليون دولار.
ليُبدي الفدرالي بذلك عدم تخوفه من مثل هذه البيانات عن التضخُم وعدم قبوله برفع سعر الفائدة أو تخفيض دعمه الكمي للحد من ارتفاع التضخُم في الوقت الحالي، ليُصبح معروف للأسواق مُسبقاً رد فعل الفدرالي على هذه البيانات التي أصبحت لا تُمثل قلق للمُستثمرين أو تغيير في توقعات الأسواق بشأن أسعار الفائدة وبالتالي ظل العائد على إذن الخزانة لمدة 10 أعوام الذي عادةً ما يجتذب أعيُن المُتعاملين في الأسواق بالقرب من 1.65% رغم هذه البيانات التي أظهرت تزايُد مُنتظر في الضغوط التضخُمية.
جدير بالذكر أن مُتوسط توقعات أعضاء اللجنة الذي كانت تتطلع الأسواق لمعرفته عقب اجتماع اللجنة قد أظهر توقع 7 فقط من 18 رفع سعر الفائدة في 2023، بعدما كان يتوقع 5 فقط من 17 هذا الرفع عقب اجتماع ديسمبر الماضي الذي لم يشمل كريستوفر والار الذي انضم لاحقاً للجنة بنهاية ديسمبر، ليتضح للأسواق بذلك أن الصعُود الحادث للعوائد على إذون الخزانة داخل أسواق المال الثانوية لا يُعبر عن توقع أعضاء اللجنة بشأن سعر الفائدة.
ذلك وتنتظر الأسواق يوم غد بإذن الله حديث جديد من رئيس الفدرالي جيروم باول في مُنتدى واشنطن الاقتصادي وصدور عن الفدرالي تقرير ال Biege Book المُعتاد صدوره قبل اجتماع أعضاء لجنة السوق بأسبوعين ليُوضح تقدير الفدرالي للأداء الاقتصادي بشكل عام داخل الولايات المُتحدة.
بينما تُشير العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية حالياً لتواجُد مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي حالياً بالقرب من 4130 بعدما سجل مُستوى قياسي جديد عند 4135.9، كما أصبح مؤشر ناسداك 100 المُستقبلي يتواجد حالياً بالقرب من 13940 بعدما واصل صعوده ليصل ل 13964.6، بعد صدور بيانات التضخُم اليوم على المُستوى الاستهلاكي وسط تفاؤل بتواصل تحسُن أداء الاقتصاد الأمريكي رغم هذا الارتفاع للتضخُم الذي لا يُمثل تهديد برفع أقرب من المُتوقع لأسعار الفائدة داخل الولايات المُتحدة.
وبالتالي عاود الذهب صعوده كتحوط طبيعي ضد التضخُم ليتواجد حالياً بالقرب من 1745 دولار للأونصة في ظل عدم ارتفاع للعوائد داخل أسواق المال الثانوية يُضعف من جاذبيته كخيار لدى المُستثمرين للتحوط ضد التضخُم المُتنامي، بينما واصل اليورو صعوده أمام الدولار ليصل ل 1.1964، كما تمكن الإسترليني من العودة للصعود والتداول بالقرب من 1.3750 بعد هبوط سريع دون ال 1.37 فور صدور بيانات اليوم.
للاطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار