بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
الأسواق المالية أصبحت في حالة من عدم اليقين بعدما كانت التوقعات تشير بنسبة كبيرة بأن الفيدرالي سيعلن عن بدء تقليصه التدريجي لمشترياته من الأصول ولكن أشترط بأن لابد من الوصول للتوظيف الكامل لسوق العمل
ولقد أشرنا في تحليلات سابقة ولقاءات سابقة على القنوات الفضائية بأن تشديد السياسة النقدية للفيدرالي مشروط بالتوظيف الكامل لذلك من المتوقع بأن الفيدرالي كان ينتظر بيانات سوق العمل هذا الشهر والذي صدرت بالأسبوع الماضي ليبني عليه قراراته بشأن سياسته النقدية.. تعالوا في جولة سريعة لبيانات سوق العمل الأمريكي بشكل سريع
نظرة عن سوق العمل بالولايات المتحدة الأمريكية
الولايات المتحدة الأمريكية أضافت وظائف أقل مما كان متوقعًا في سبتمبر حيث تمت إضافة 194 ألف وظيفة غير زراعية فقط خلال الشهر الماضي مقابل التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنحو 500 ألف وظيفة فيما يعتبر أقل معدل نمو تم تسجيله حتى الآن هذا العام. مما يساهم في تعقيد المعادلة بشأن أحد أبرز القرارات الحاسمة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بخصوص تقليص الدعم النقدي قبل نهاية العام كما كان متوقع.
وفي الوقت الحالي ما يزال هناك 5 ملايين أمريكي عاطل عن العمل وذلك بالمقارنة مع مستويات ما قبل الجائحة
إلا أن انخفض معدل البطالة إلى 4.8%، رغم أنه كان يعكس جزئياً انخفاض مشاركة القوى العاملة كذلك انخفض معدل الشكاوى من البطالة بقراءات الأسبوع الماضي بالإضافة أنه زاد متوسط الدخل في الساعة بنسبة 0.6% في سبتمبر الماضي، فيما يعد أقوى نمو شهري منذ أبريل وهو الأمر الذي يعكس محاولة الشركات جذب العمالة.
معدلات يستهدفها الفيدرالي:
معدل الشكاوى من البطالة قد تكون بعيدة عن معدلاتها الطبيعية التي كانت ما قبل الجائحة ما بين 200 إلى 250 ألف طلب إعانة كما أن معدلات البطالة الذي يستهدفه الفيدرالي عند 4%
التضخم:
إذا ما الذي يجبر الفيدرالي على تشديد سياسته النقدية في ظل عدم تحقق ما يطلبه من مستهدفات بسوق العمل الأمريكي؟
بدأت العديد من البنوك المركزية حول العالم في سحب التحفيزات النقدية الطارئة الذي قدمتها البنوك لمواجهة تداعيات فيروس كورونا بعام 2020، حيث البنوك المركزية في كل من:
النرويج - البرازيل - المكسيك - كوريا الجنوبية - نيوزلندا قد رفعوا بالفعل أسعار الفائدة لديهم
ولكن وسط هذا التحول هناك علامات على أن مخاوف استمرار ارتفاع التضخم لن تتلاشى قريبا بسبب:
- استمرار اختناقات سلال الإمداد
- ارتفاع أسعار الوقود والذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية
- الانتعاش القوي للطلب على النفط والوقود
- زيادة الطلب على الوقود في فصل الشتاء
كبار الاقتصاديين في بنك إنجلترا قالوا بأن القوة الحالية للتضخم ربما ستستمر لفترة أطول مما كان متوقعاً
تصريحات رؤساء البنوك المركزية:
- جيروم باول: الارتفاعات الحالية للتضخم ستستمر حتى عام 2022 , الوصول للتوظيف الكامل شرطاً مسبقا للبنك لبدء تقليص مشترياته من الأصول
- كرستين لاجارد: ارتفاعات التضخم لفترة مؤقته ولا حاجة للمبالغة في ردة الفعل، كما قالت في سبتمبر الماضي: تقليص وتيرة برنامج شراء الأصول الطارئ الخاص بكورونا
- أندر بيلي: نرى حاجة لتشديد السياسة النقدية ورفع معدلات الفائدة
المعادلة الصعبة:
أن ما يجعل مهمة صانعي السياسة النقدية بالفيدرالي الأمريكي أكثر تعقيدا يكمن في ارتفاع القلق حيال دخول الاقتصاد العالمي بيئة الركود التضخمي (وهو يعني تباطؤ في النمو المصحوب بارتفاع معدلات التضخم)
كما أن الضعف غير المتوقع في سوق العمل يقلل من فرص اتخاذ الفيدرالي إجراءات تشديدية للسياسة النقدية خلال اجتماعه المقبل
لكن هذا الافتراض مشكوك فيه.. خاصة مع ارتفاع الأجور بأكثر من المتوقع بما يزيد من الضغوط التضخمية وربما يهدد بتحول التضخم من مؤقت إلى دائم ووقوع الاقتصاد في الركود التضخمي
الذهب:
في حالة لم يتخذ الفيدرالي أي إجراءات تشديدية للسياسة النقدية، ربما يظل الذهب هو أفضل وسيلة للتحوط ولكن هذا مرهون بقرار الفيدرالي فقط.
أما إذا توجه الفيدرالي لتقليص مشترياته من الأصول يعني تراجع أسعار السندات وارتفاع العوائد لذلك يرتبط الذهب بعلاقة عكسية مع ارتفاع العوائد على السندات لأجل 10 سنوات لذلك تشديد السياسة في غير صالح الذهب
الأسواق المالية:
ستحاول الأسواق المالية تتكهن بإجراءات الفيدرالي حيال تغيير سياسته النقدية بعد صدور بيانات التوظيف بأسوأ من التوقعات وتباطؤ النمو في التوظيف سيضع الفيدرالي في ورطة ومعادلة صعبة يحتاج إلى حنكة لحلها
تعرفت على اتجاهات الأسواق من خلال الرؤية الفنية المصورة والمرفق بهذا التقرير، لا تتداول هذا الأسبوع إلا بعد أن تتعرف على خارطة الطريق من خلال الفيديو المرفق لأغلب المؤشرات والأصول للأسواق المالية
دمتم طيبين
د. محمد الغباري
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الاقتصادية