تواصل أسعار النفط ارتفاعها وسط أجواء كلها توحي بتفاقم أزمة الطاقة في أوروبا وكذا ضغوط تضخمية سواءا في الولايات المتحدة الأمريكية أو منطقة الاورو، ويمكن القول أن نسبة كبيرة من ارتفاع أسعار النفط يعود إلى أزمة الطاقة في بعض المناطق من العالم، خاصة أوروبا التي تعيش وضعا صعبا مع اقتراب فصل الشتاء وزيادة الطلب على الغاز سواءا للتدفئة أو توليد الكهرباء، وأمام اشكالية تلبية الطلب على الغاز في ظروف صعبة ستستمر الى المستقبل المتوسط أو الطويل زاد الطلب على المصادر التقليدية كالفحم والنفط كمصادر للطاقة لتعويض مشكلة عدم كفاية إمدادات الغاز، وللإشارة فإن أحد أهم تداعيات جائحة كورونا بدأت تلقي بضلالها على الاقتصاد العالمي.
فقد أنهكت الجائحة الحكومات في ما يتعلق بضخ الأموال لدعم الطلب وتجنب الركود المدمر للإقتصاد، ومع طول الجائحة وجدت الكثير من الحكومات أنها لن تستطيع مواصلة الدعم مقارنة مع بداية الجائحة مما اضطرها إلى مراجعة هذه السياسة، ولا يغيب على الأذهان أن هذه الدول كانت قد بدأت خطة للتحول صوب الطاقات المتجددة قبل الجائحة مع العلم أن هذا النوع من مصادر الطاقة قائم على الدعم الحكومي الذي تم توجيه نسبة ضخمة منه لدعم الاقتصاد اثناء الجائحة، والظاهر أن الدول اليوم تمتلك ميزانيات عمومية منهكة بالديون.
وأصبح دعم الطاقات المتجددة هدفا ثانويا أمام اهداف اخرى كالوظائف والنمو ودعم القطاع المالي، وهنا كانت الفرصة لزيادة الطلب على النفط وفي نفس الوقت كانت هناك اختناقات في عرض الغاز كمصدر للطاقة وتوليد الكهرباء، وحسب الخبراء فإن نسبة معتبرة من انتاج وامدادات الغاز مرتبطة بإنتاج النفط حيث إن الغالب على حقول النفط أنها تنتج النفط والغاز معا ومع سياسة تخفيض المعروض النفطي من أوبك كان هناك تأثير مزدوج حيث ساعد اتفاق أوبك + بشأن الإنتاج على جعل أسعار النفط في وضع مريح للجميع، ومن جهة أخرى فتراجع امدادات الغاز أمام الطلب المتزايد خاصة مع اقتراب فصل الشتاء دفع بالكثير من الدول إلى زيادة الطلب على النفط مما أدى الى ارتفاع الأسعار.
بإختصار أسعار النفط الحالية تعكس أساسيات العرض والطلب في السوق وسنشهد المزيد من الارتفاعات في المستقبل خاصة إذا عرف العالم تراجع للوباء ورفع القيود عن الاقتصاد.