التضخم الخارج عن السيطرة هي الرواية المهيمنة على السوق حاليًا، لذا يبحث المستثمرون عن أصول آمنة لحفظ أموالهم. ولهذا، عاد الذهب لينبض بالحياة.
إذ أصبح التضخم مشكلة عالمية متزايدة، إذ أظهرت أخر البيانات الكندية ارتفاع التضخم إلى 4.4%، أعلى مستوى له في 13 عامًا في سبتمبر. وفي بريطانيا، ظلت ضغوط التضخم مرتفعة (3.1%) وفوق هدف بنك إنجلترا للشهر الثاني على التوالي. ولا يختلف الأمر كثيرًا في منطقة اليورو التي قفز فيها التضخم السنوي إلى أعلى مستوى له منذ 2008 (4.1%).
ومع تسارع التضخم السنوي في الولايات المتحدة في سبتمبر (5.4%) إلى أعلى مستوى منذ 13 عامًا، كان رد فعل أسعار الذهب إيجابيًا أخيرًا، مع صعوده الأخير لما فوق 1800 دولار للأونصة. ولكن الخبر السيئ أن الاتجاه الصعودي كان قصير الأجل.
فما الذي يمنع الذهب من التألق وسط البيئة التي يزدهر فيها عادة، انفجار التضخم؟!
» لماذا لا يرتفع الذهب مع تزايد ضغوط التضخم عالميًا؟
إذا سألت أي أحد العام الماضي إذا استمر التضخم في الصعود باستمرار إلى ما فوق 5٪، فكان سيقول لك بكل ثقة أن الذهب بالتأكيد سيكون عند مستويات قياسية ما فوق 2000 دولار. ولكن هذا لم يحدث بسبب:
1. دعمت ضغوط التضخم التوقعات بأن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في تشديد سياسته النقدية في أقرب فرصة ممكنة. إذ تنتظر الأسواق أن يعلن الفيدرالي عن خفض مشترياته الشهرية من السندات في اجتماعه المقبل في 3 نوفمبر. كما سعّرت الأسواق رفع الفائدة في وقت مبكر،بدءًا من يونيو 2022. وكل هذا يشكل ضغطًا هبوطيًا على أسعار الذهب، بينما يقوي موقف الدولار الأمريكي.
2. يٌعاني المعدن الأصفر لجذب الطلب إليه مع استمرار أسواق الأسهم في التحرك من أعلى قمة قياسية إلى أخرى وتحقيق أرقام وأرباح قياسية في موسم الأرباح.
3. عوائد السندات آخذة في الارتفاع. إذ ظلت عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات بالقرب من أعلى مستوى لها في ثلاثة أشهر، مع تضاعفها تقريبًا عن العام الماضي.
4. المنافسة الشرسة من البيتكوين التي تستمر في سرقة بريق الذهب، بعدما وصلت لأعلى مستوياتها على الإطلاق فوق 65 ألف دولار مع إطلاق صناديق تداول العقود الآجلة (EFTs)، والتي أضافت طبقة جديدة من الشرعية على البيتكوين والعملات المشفرة.
» كيف سيتحرك الذهب في نوفمبر ومتى سيعود للارتفاع؟
سيتحرك الذهب أفقيًا وفي نفس النطاق حتى 2 - 3 نوفمبر، موعد اجتماع الفيدرالي الأمريكي للإعلان عن تقليص مشترياته من السندات. لذلك، سيظل الذهب مضغوطًا حتى يبدأ الفيدرالي في التخفيف التدريجي لبرنامج التيسير الكمي (شراء السندات). وعندما يحدث ذلك أخيرًا، قد تأتي أوقات أفضل للذهب.
وسيعود الذهب للصعود بالتأكيد مع نهاية رواية ارتفاع التضخم "المؤقت" واستمرار ارتفاع أسعار السلع بجنون. خاصة، وأنه من غير المرجح أن يتمكن الفيدرالي أو أي بنك مركزي آخر من السيطرة على التضخم في أي وقت قريب. فأدوات الفيدرالي لن تستطيع حل أزمة سلاسل التوريد. وسيجبر ارتفاع التضخم والتهديدات المتزايدة بحدوث ركود تضخمي، العديد من المستثمرين على إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية وحاجتهم إلى ملاذ آمن للتحوط من التضخم، وهو الذهب.