نقص السلع..معضلة الأجيال الجديدة

تم النشر 17/11/2021, 14:49

خلال الأسبوع الماضي، التقيت بعض المستوردين الكبار، على هامش إحدى التجمعات الاقتصادية الشهيرة في العاصمة المصرية القاهرة، فشكى معظمهم عجزاً مزمناً منذ عدة أشهر عن ملء مخازنهم بشكل كامل، فضلاً عن خسائرهم الفادحة نتيجة لتعطل بضائعهم في الموانئ المختلفة، ولا شك، أن أعطال الإمدادات ستفرز تضخماً في أسعار السلع لمدة عام على الأقل، وهذا خبر صادم، ومرهق للمستهلكين.

يتذكر الأجداد، ممن هم في سن السبعين، "تقنين الأغذية" الذي جرى العمل به في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وحتى سنة 1954، وهو إجراء تقشفي لا تعلم عنه الأجيال الجديدة التي تعودت على رفاهية انتقال البضائع الأجنبية في أي وقت تريده، ولهذا، فإن أزمة اضطراب الموانئ تمثل بالنسبة لهم حدثاً تاريخياً.

خفض الطقس المعتدل والمحاصيل الوفيرة بين 2016 و2020 أسعار السلع الغذائية إلى حد كبير، لكن، منذ تعطل سلاسل الإمدادات انكشف المستور، فقد قفزت الأسعار بشكل درامي، مع تصادم مشكلات إنتاج الغذاء مع ارتفاع الطلب، وثبت للجميع أن التعافي من الجائحة أقوى مما كان يتوقعه معظم الاقتصاديين، وأدى التحول من فلسفة الشراء حسب الحاجة إلى فلسفة الشراء الفائض إلى تنامي الطلب العالمي بشكل أعلى من المتوقع.

تعد القهوة، وهي المشروب الأكثر شهرة في وجبة الإفطار، واحدة من السلع الأكثر تضررا من تعطل الحاويات، إذ يمثل الشحن مشكلة مؤثرة على سلسلة الإمدادات، فقد ارتفعت أسعار الحاويات بنحو 280 في المائة عن العام الماضي، ومن المتوقع إنهاء معظم عقود التحوط التي تملكها المحامص الكبرى نهاية العام الجاري، وبالتالي، سترتفع أسعار القهوة على العملاء العام المقبل، ولا شك أن زيادة التكاليف على المزارعين سيجعل من الصعب عليهم الاستفادة من الأسعار المرتفعة وزيادة الإمدادات.

قبيل الجائحة، كان بعض الاقتصاديين يجادل بأن العولمة جعلت الاقتصاد العالمي أكثر استقراراً، معتبرين أن سهولة التبادلات التجارية تضمن وسائل الراحة للشعوب المتطلعة للرفاهية، فإذا فشلت دولة ما في الحصول على بضائعها من دولة أخرى، استطاعت تدبيره من مكان آخر، لكن، ما يحدث الآن هو العكس تماماً، إذ يضع استمرار اختناقات سلاسل الإمدادات دورة أعمال الأسواق أكثر اضطراباً.

لا شك أن تحميل الوباء القاتل مسؤولية الأزمة الراهنة تعد نظرة قاصرة، إذ ترجع جذور المشكلة للركود الحاد الذي ضرب الأسواق عقب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، فقد شهدت تلك السنوات تراجعاً في العائدات، ونقصاً في الاستثمارات، ومع تقادم البنية التحتية وعجزها الفاضح، حتى في بعض أكابر الدول، تضاءلت قدرة المصدرين على التوريد في الوقت المحدد، ولتجاوز العاصفة، يتطلب الأمر إنفاق المليارات على تحديث الموانئ وأساطيل الشحن، والتوسع في استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

 

 

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.