مستوى سعر النفط الحالي لا يعجب الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من كبار مستهلكي الذهب الأسود، في المقابل يبدوا اعضاء أوبك + جد راضين عن أداء سوق النفط، والسؤال الذي يطرح هل موقف الطرفين مرتبط بحالة سوق النفط في الوقت الحالي أم وضعها المستقبلي خاصة ونحن على ابواب سنة 2022؟
من بين ما يميز سوق النفط أن تخمة المعروض أو ضعف الطلب قد لا تترجم بالضرورة إلى أسعار منخفضة أو العكس، لأن العوامل التي تتحكم في أسعار النفط معقدة ومتداخلة إلى حد كبير وبعضها قد تراه غير منطقي وبالتالي يصعب قياسها، إلا أنه من جهة أخرى فالاتجاه الصعودي للأسعار وخاصة في الوقت الحالي مرده عدم استقرار العلاقة بين العرض والطلب، فمن جهة بدأت سياسات تحفيز التعافي تأتي أكلها في امريكا واسيا وأوروبا، كما أن النظرة الى الوباء تغيرت وتغيرت معها أساليب إدارة الاقتصاد فبعد تلميح منظمة الصحة العالمية بأن الوباء يمكن أن يتحول الى فيروس مستوطن، بدأت الكثير من الدول تتحول الى كيفية التعايش معه، وهذا من خلال تسريع حملات التلقيح، تغيير في قواعد العمل التقليدية وذلك بجعل العمل عن بعد أحد الأليات لتحريك الانتاج والاقتصاد ككل، كل هذا حرك الطلب على النفط الذي عرف انتكاسة غير مسبوقة أثناء الجائحة، فلا يجب التغاضي عن تلك الحالة المتأزمة التي عرفتها السوق أثناء الجائحة بسبب الإغلاقات في كل دول العالم، فتخمة المعروض خلال شهري أبريل وماي 2020 أربكت سوق العقود الآجلة للنفط الى درجة أنه لأول مرة في التاريخ يتداول النفط بأسعار سلبية بلغت 37$ للعقد.
سنة 2020 كانت استثناءا من ناحية العرض وانهيار الأسعار وخسارة المستثمرين، وفي ظل العديد من العوامل نتوقع أن تكون سنة 2022 سنة الاستثناء من ناحية الطلب وربما ستبلغ الأسعار مستويات قياسية مع توقع مستوى غير مسبوق للمضاربات على الأسعار، فكما كانت الجائحة ظرف استثنائي قلب التوقعات والأوضاع على السواء ستكون ازمة بدائل النفط: الفحم والغاز الطبيعي سببا في تقلبات السوق لصالح المنتجين والمضاربين، حالة الغموض التي تميز عرض النفط مستقبلا تجعل الجميع له توقعاته الخاصة، وكما هو معلوم فإن عالم اللايقين هو الفضاء الخصب للمضاربات.
يضاف الى ذلك أن المعطيات الحالية بدأ بارتفاع تكاليف بدائل النفط، والعجز المسجل في الاستثمار في قطاع النفط، يضاف الى ذلك إعادة جدولة خطط التحول الأخضر، ناهيك عن الاضطرابات الجيوسياسية في العالم كلها أسباب سيستمر تأثيرها على الأسعار باتجاه الصعود.
خلاصة القول على جميع المتدخلين في سوق النفط أن تكون له مصفوفة للتوقع وتجدر الإشارة أنه كلما كانت زادت المعلومات وزادت القدرة على توظيفها كلما عظمت الاستفادة من الفرص التي ستتاح في السوق.