طلب الرئيس الأمريكي من دول أوبك وبالتحديد الدول الخليجية زيادة الإنتاج لوقف ارتفاع أسعار النفط ليس بالجديد فقد وقعت تفاهمات واتفاقات بين الرؤساء الأمريكيين والدول الخليجية في الكثير من المرات، وبغض النظر عن أسبابها فإن الإختلاف بينها وما قام به بايدن اليوم هو الطلب صراحة في وسائل الاعلام بالرغم أن المعتاد أن يكون ذلك سريًا، ويرى المتابعون لسوق النفط أن الأحداث والنقاشات يطغى عليها الطابع السياسي والاستراتيجي مقارنة بالمبررات الاقتصادية، والدليل على ذلك أن الرئيس بايدن لم يتحمل تغافل دول أوبك عن طلبه وسارع الى خطوة استثنائية من كل النواحي، هذه الخطوة هي السحب من المخزون الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، وطلبه أيضًا من كبار المستهلكين في العالم القيام بنفس الأمر، هذه السحب لا يخضع إلى أي مبرر معروف مرتبط بوجود ظروف وحوادث استثنائية تعيق الإمدادات، وإنما المشكلة هي رد فعل اتجاه ارتفاع الأسعار وهذه الحالة تثير المخاوف لدى الرئيس الأمريكي وهو مقبل على انتخابات حاسمة يمكن أن يكون لإرتفاع أسعار البنزين الدور الكبير في خسارتها، ومن جهة اخرى يرى البعض أن الولايات المتحدة من خلال تقديمها طلب زيادة الإنتاج من الدول الخليجية والسحب من المخزونات الاستراتيجية تسعى إلى الضغط على إيران للجلوس على طاولة المفاوضات بشأن الملف النووي، وربما يكون السعي للتطبيع معها هو الهدف من وراء المفاوضات.
ويرى الخبراء أن الطلب من الدول الخليجية تحديدًا، ليس لأن لديها طاقة إنتاجية فائضة فقط، ولكن أيضًا لأنها في المنطقة نفسها، وتنتج أنواعًا من النفط مماثلة لأنواع النفط الإيراني، أي أنه وبفرض وجود قدرة لدى الولايات المتحدة وكندا وأميركا اللاتينية على التعويض عن النفط الإيراني، إلا أن ذلك سيسبب مشكلات في سلسلة الإمدادات والتجارة الدولية، بسبب اختلاف المواقع الجغرافية؛ لهذا فإن الحل الأمثل هو تعويض دول الخليج عن انخفاض صادرات النفط الإيرانية، فإذا كان وقف ارتفاع أسعار النفط يسهل التعامل مع إيران ونتج عن حذفه تحقيق تقدم في الملف فإنهم يرون في هذه الحالة أن ارتفاع أسعار النفط هدد الأمن القومي.
في النهاية اذا ثبت فعلا أن السبب وراء جهود بايدن في كبح جماح أسعار النفط هو مقاربة جديدة للضغط أو دفع ايران الى الجلوس الى طاولة المفاوضات، وربما التخطيط للتقارب والتطبيع معها ففي النهاية سنشهد رد فعل قوي من قبل السعودية وحلفاؤها يمكن أن تكون نتيجته شرارة قوية في الأسعار وهذا سبب آخر جيوسياسي يضاف إلى الضغط على الأسعار باتجاه الصعود.