لا يخفى على أي أحد أن ارتفاع سعر الفائدة في الاقتصادات المتقدمة و في أول الصف، الولايات المتحدة الأمريكية من شأنه أن يلحق أضرارا اقتصادات الدول الناشئة. شدد الفيدرالي الأمريكي كما كان متوقعا من سياسته النقدية عقب اجتماع لجنة الفائدة، حيث رفعوا أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة مئوية من أجل السيطرة على حريق التضخم الذي بلغ مستويات قياسية بعد الإجراءات التحفيزية سنة 2020 جراء وباء كورونا.
بلغ مؤشر الدولار بداية جلسة هذا الأسبوع مستويات 104.144 مما دفع عوائد السندات الحكومية للأجل 10 و 30 سنة لبلوغ مستويات قياسية (3.20% و 3.30%) مما عزز من شهية المخاطرة على الدولار و اتجاه الأموال الساخنة نحو هذه الأسواق مما يرفع من قيمة تداولات الدولار وارتفاع الطلب عليها.
أشرنا في المقال التحليلي للأسبوع المنصرم أن تجاوز مؤشر الدولار لمستويات 103 من شأنه تعزيز ارتفاع تداولات الدولار مقابل الليرة التركية عند مستويات 15، و هذا حاصل بالفعل في هذه اللحظات أثناء كتابة هذا التحليل حيث أغلق الزوج فوق مستويات 15.02.
أن حركة أسعار الطاقة الذي لها تأثير واسع على باقي العناصر المكونة للاقتصاد، بالإضافة إلى مسار سعر الفائدة الفيدرالي حيث يرتقب القيام بعدة ارتفاعات خلال هذه السنة لبلوغ مستويات 1.75 و 2 لكبح جماح التضخم، قس على ذلك التطورات الناجمة عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مقابل المخاطر التي تواجهها الليرة التركية في الفناء الخلفي المحلي، حيث لا يعطي التضخم أي علامات استباقية على التراجع أو التباطئ حتى واستقرار أسعار الفائدة في للأرقام السلبية، وكذلك استمرار الضغوط التي يتعرض لها المركزي التركي من الكوادر السياسية الرافعة للرضوخ للسياسة النقدية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة بالرغم من إحكام العقل خلال الاجتماعات الماضية مستحضرين ما قد يترتب من أوضاع مزرية على الليرة التركية في سوق الصرف اذا ما ارتكب أدنى خطأ في أسعار الفائدة.
ناهيك عن كون المؤشرات الاقتصادية من طرف المؤسسات النقدية غير مشجعة بالمرة، حيث تراجع مؤشر التصنيع دون مستويات 50 بالرغم من ارتفاع الإنتاج الصناعي مما يعطي إشارة على احتمال تحسن مؤشر PMI. إلى جانب تراجع ثقة المستهلكة نحو أدنى المستويات منذ تولي حزب العدالة والتنمية للقيادة في تركيا، نجد أن مبيعات التجزئة لاحظت تحسنا ملحوظا في شهر فبراير.
كل هذه العوامل التي سبق ذكرها لا تعطي انطباعا على أي تحسن قريب من شأنه أن يدفع الليرة التركية للارتفاع أمام نظيرتها الدولار، فنحن نولي أهمية بالغة لمستويات 14.50 حتى تتحقق لدينا هذه الرؤيا، و غير ذلك فإن بقاء الأسعار منحصرة فوق 14.50 دون تغيير أمام الدولار دائما الواقعة تحت منطقة 15 البالغة الأهمية للمركزي و التي تجاوزها حاليا و يتوقع أن يعود أدناها إذا ما حصل أي تراجع في مؤشر الدولار أدنى مستويات 103.70 بالإضافة إلى أي عامل خارجي للسيطرة على الأسعار أدنى هذه المنطقة من طرف مؤسسات النقدية واتخاذ إجراءات التي تشتد الحاجة إليها.