يفصلنا القليل عن شهادة محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونجرس الأمريكي في واشنطن حول مستقبل السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي .
تأتي هذه الشهادة وسط مخاوف المستثمرين من حدوث ركود اقتصادي محتمل لأكبر اقتصاد في العالم في ظلال عزم الاحتياطي الفيدرالي على المضي قدماً في تشديد السياسة النقدية لكبح جماح التضخم الذي ارتفع في الولايات المتحدة للأعلى له في أربعة عقود من الزمان.
من الجدير بالذكر أن صانعي السياسة النقدية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي أقروا في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح 14-15 يونيو رفع الفائدة بأعلى وتيرة منذ عام 1994 بواقع 75 نقطة أساس إلى 1.75%، وجاء ذلك مع الكشف آنذاك عن توقعات اللجنة الفيدرالية لمستقبل أسعار الفائدة ومعدلات النمو، التضخم والبطالة للأعوام الثالثة المقبلة.
اليوم يلقي باول شهادته أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب وسط احتمالية محافظته على رؤيته بأن الاقتصاد الأمريكي يمكنه تجنب التباطؤ الاقتصادي حتى وسط فقدان المشاركين في السوق الثقة في احتمالية حدوث "هبوط ناعم" للاقتصاد – وهي فترة يتباطأ فيها النمو الاقتصادي بما يكفي لقمع التضخم، ولكن دون تحفيز الانكماش الاقتصادي.
كما أن هناك احتمالية لتأكيد باول على مضي بنك الاحتياطي الفيدرالي قدماً في تشديد السياسة النقدية لكبح جماح التضخم
وإذا عزز رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحاجة إلى تشديد أكثر عدوانية ستزداد احتمالية حدوث ركود نتيجة لذلك، سيحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى إيجاد التوازن بين التحكم في التضخم ومنع الركود.
وقد نشهد رفع أخر للفائدة على الأموال الفيدرالية في الاجتماع القادم للجنة الفيدرالية للسوق المفتوح في يوليو بنحو 75 نقطة أساس إلى 2.50% وقد يليه رفع بنحو نصف نقطة مئوية إلى 3.00% في اجتماع سبتمبر المقبل ..
لا ننسي تصريحات باول الأسبوع الماضي لكون التوقف المؤقت في دورة التشديد الحالية لن يكون ممكناً إلا بعد انخفاض ملموس في التضخم، وهذا ما يعكس عزمه في المضي قدماً في التشديد للمحافظة على الاستقرار المالي والذي قد يثقل على أداء الاقتصاد ويصل الأمر في نهاية للركود التضخمي والأخص أن التضخم المشتعل ليس مبني في الأساس على انتعاش الطلب أكثر من كونه مبني على عوامل خارجية على رأسها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.