تشهد السجون الأمريكية ازدهارًا في المضاربة منذ انهيار سوق الأسهم في مارس 2020 بفعل جائحة كورونا، فقد منح تهاوي البورصة الفرصة للسجناء لاستغلال هذا الحدث الاستثنائي بهدف تحقيق حلم الثراء السريع، خاصة وأن الكثيرين منهم استفادوا من شيكات التحفيز المالي التي أطلقتها الحكومة الفيدرالية لإنقاذ الأسر والشركات والقطاعات المتضررة، وقد حصل بعض السجناء على هذه الأموال المفاجئة باعتبارهم جزءاً من المجتمع المتضرر.
في البداية، لم يكن السجناء مصدقين أنهم مؤهلون للحصول على الدعم الحكومي الطارئ، فقد كان بعضهم مداناً بالقتل والسرقة، وكانت شيكات التحفيز تعني لهم ببساطة أنه غنموا 1200 دولار فجأة، ثم 2000 دولار إضافية، فأرادوا انتهاز الفرصة، وبدلاً من أن يقوموا بشراء أشياء ترفيهية، اختاروا الاستثمار في سوق الأسهم أو التفكير فيما بعد السجن، والتخلي عن النظرة قصيرة المدى، فبعضهم قد يغادر وعمره 60 عامًا، وبالتالي، اعتبروها فرصة ذهبية للتقاعد المريح في سنوات الحرية.
لكن، العقبة الأساسية لهؤلاء المستثمرون الشجعان أنهم كانوا بحاجة فعلاً إلى مساعدة، فلم يكن لديهم بالسجن أجهزة آيفون، ناهيك عن افتقاد التطبيقات التي تتيح تداول الأسهم عبر الإنترنت بسهولة، وبالتالي، اضطروا إلى إرسال شيكاتهم التحفيزية إلى من يثقون به من الأسرة أو حتى الأصدقاء، طالبين منهم فتح حساب والتداول نيابة عنه، في الوقت الذي كانت فيه تجارة الأسهم ظاهرة جديدة أيضاً على الأحرار؛ فقد بدأ حوالي 20 مليون أمريكي التداول خلال الوباء، لذا، ساعدهم الوكلاء على التنقل بين منصات التداول التي لم يتمكنوا من رؤيتها، وكان الأمر بطيء وشاق، وهو أشبه ما يكون بلعب الشطرنج معصوب العينين.
يمثل شراء وبيع الأسهم تحديًا كافيًا للمستثمرين على المدى الطويل، ويمكن أن يكون أمرًا مؤلمًا للمتداولين اليوميين، الذين يهدفون إلى جني أرباح سريعة، وبالفعل فقد تخيل بعضهم نفسه خبيرًا بعد قراءته لأحد الكتب عن الاستثمار، وأمضى بعضهم الأيام والليالي في مشاهدة قناة المال والأعمال CNBC، يبحثون من خلالها عن أسهم شركات صغيرة تبدو مستعدة نسبيًا لاتخاذ خطوات كبيرة، ومع الانتقالات الدرامية في السوق، تعلم المستثمرون السجناء كيفية اصطياد السكين المتساقطة، ونعتقد أن هذه التجربة تتعلق بتثقيف السجناء اقتصادياً أكثر من مجرد تحقيق حلم الثراء السريع.
كما نظرائهم بالخارج، خسر السجناء أموالًا راهنوا بها على العملات المشفرة، فلم يكونوا محصنين أبداً من هذه البدعة، فقد استثمروا في البيتكوين، وكان الدرس الأساسي لهم هو أنه لا أحد يعرف ما الذي يحرك السوق، وهذا ينطبق بشكل خاص على مستثمرو التجزئة، وحتى إذا ثبتت صحة معلومات الأسهم، فمن المحتمل أن تكون هذه المعلومة عديمة القيمة عندما تصبح معرفة شائعة داخل السجون.
يتطلب كسب المال نهجًا أكثر ملاءمة لظروف المتداولين، وفهم الخيارات بعناية، وقد أدى نهم السجناء لمعرفة مصطلحات التداول إلى جعل قراراتهم الاستثمارية أكثر عقلانية وأقل اندفاعًا، وأصبحت نقطة فخر لهم تثبت طلاقتهم المكتشفة حديثًا في تقنيات السوق، رغم أن معظم السجناء لا يعرفون الكثير عن سوق الأسهم، لأنهم نشأوا على قسائم الطعام والوجبات المجانية، ولم يكن لدى الكثير منهم وظيفة، ولم يدفعوا فاتورة أبدًا، ولم يفتحوا إطلاقاً حسابًا مصرفيًا.
لكن، الدافع الأهم لهم هو أنهم باتوا يفكرون معظم الوقت في الحياة بعد السجن وانتهاز الفرصة لإعداد أنفسهم للنجاح، بالرغم من حقيقة أن بعضهم لن يحصل على أرباح خلال السنوات الأولى بعد إطلاق سراحهم، وقد يُعاد حبس أكثرهم، وإذا كان تقييد الحرية يؤدي في أغلب الأحيان إلى فقر الحياة، فإن المعرفة بالمال توفر الأمل في كسر هذه الحلقة المفرغة، وبالفعل فقد سعى هؤلاء السجناء لمعرفة طرق التعامل مع الأسواق المتقلبة، والسجناء بطبيعتهم معتادون على التعلم بطريقة صعبة، وعندما نضجوا في السوق حققوا عوائد أفضل.
وبصرف النظر عن وضعك الاجتماعي كمستثمر، حر أم سجين، فلابد أن تكون أرقامك صحيحة، وأن تكون على معرفة بأساسيات التداول، وأن تفهم التفاصيل الفنية مثل مستويات الدعم والمقاومة، والتقاطعات الذهبية، أي مؤشرات السوق الصاعدة، وتقاطعات الموت، أي مؤشرات السوق الهابطة، والتوقعات بشأن وقت الشراء والبيع، وإذا كنت لا ترغب عزيزي في التعاطي مع هذه المصطلحات السوقية الراسخة، فعليك أن تبحث عن طريقة مختلفة لكسب المال.