بعزم من حديد، يواصل الاحتياطي الفيدرالي المضي في حملته العنيفة والمستمرة منذ عام في رفع أسعار الفائدة أملاً في ترويض غول التضخم، وشخصياً، أشك في خروج الفيدرالي من هذه الدائرة دون أن يصيب الاقتصاد الأمريكي بأذى، خاصة في ظل وجود بعض الإشارات التحذيرية مثل منحنى العائد المقلوب في سوق الخزانة، والذي سبق تاريخيا الركود، بالإضافة إلى الأزمة المصرفية الأخيرة التي أدت إلى انهيار ثلاثة بنوك أمريكية في أسبوع واحد تقريبًا، وسط تفاقم المخاوف بشأن سوق العقارات التجارية.
قطعاً، ستؤدي التطورات الأخيرة في القطاع المصرفي إلى شروط ائتمانية أكثر صرامة للأسر والشركات، وستؤثر على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم، بينما ستواجه الأسهم الأمريكية مخاطر هبوط، وستكون مهيأة للتصحيح، وبالنظر إلى معظم سيناريوهات أسعار الفائدة هذا العام، فإننا نرى أنها ليست صديقة إطلاقاً لسوق الأسهم، في المقابل، هناك مخاوف من تسارع تدفقات الودائع الخارجة من البنوك، فيما يكافح الفيدرالي من أجل تهدئة المستثمرين بشأن استقرار القطاع المصرفي المأزوم.
الوضع الآن، هو أن أسعار الفائدة وصلت إلى مستوى يقارب 5٪ مما يجعل الودائع المصرفية أقل جاذبية بكثير، ولهذا، من المتوقع أن تتسارع تدفقات الودائع الخارجة من البنوك، والواقع، أن البنوك الأصغر تواجه ضررًا أكبر مع استمرار الاضطرابات في القطاع، وربما تتجه الولايات المتحدة نحو حطام قطار آخر، والحقيقة، أن تصريحات باول الأخيرة تركت المستثمرين مع القليل من اليقين والكثير من القلق، فمن ناحية، زاد رئيس الاحتياطي الفيدرالي من التوقعات بتفاقم أزمة الائتمان التي من شأنها الإضرار بالاقتصاد وسوق العمل، مع المساعدة على مكافحة التضخم، لكنه طمأن المودعين بأن البنوك الأمريكية تتمتع برؤوس أموال جيدة.
والواقع، أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يفقدون أعصابهم في محاربة التضخم مما قد يخلق المزيد من المشكلات للأسواق والاقتصاد، وقد كان مؤتمر باول الصحفي سلبيًا بامتياز، لأنه واجه الأسواق بثلاثية من المشاكل، الأولى أنه يقر بأزمة الائتمان المقبلة، والثانية أن التضخم واستقرار الأسعار لا يزالان محط تركيز كبير، والثالثة أنه لا يتوقع خفض أسعار الفائدة هذا العام، ولهذا، أغلق سوق الأسهم عقب المؤتمر الصحفي لباول عند أدنى مستوياته، ويمكن القول، بأنه في كل مرة يعتقد الثيران أن بإمكانهم الاحتفال بالمكاسب، يقوم الاحتياطي الفيدرالي أو وزارة الخزانة بإلقاء دش الماء البارد على المحتفلين من خلال الإشارة إلى شيء سلبي في الاقتصاد.