تزايدت الضغوط البيعية على اليورو دولار مسجلًا أدنى مستوى له منذ مايو 2017 عند المستوى 1.0957 بهبوط نسبته 8% منذ بداية العام وذلك للعديد من الأسباب، أهمها تسعير الأسواق اتخاذ المركزي الأوروبي إجراءات تسهيلية خلال اجتماعه في 12 سبتمبر ولكن ما هي أسباب تلك التوقعات.
شهد اقتصاد منطقة اليورو ضعفًا ملحوظًا بسبب تباطؤ النمو العالمي المتوقع والناجم عن احتدام الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وتزايد حالة عدم اليقين، فقد استقر النشاط التصنيعي في نطاق الانكماش للشهر السابع على التوالي في أغسطس بسبب ضعف الطلب، فقد استمر تراجع الطلبات الجديدة للشهر الحادي عشر على التوالي وهو ما زاد من تشاؤم الشركات الأوروبية بشأن الفترة المقبلة.
يخبرنا العائد على السندات الألمانية بأن هناك حالة من التشاؤم تجاه النظرة الاقتصادية المستقبلية، نلاحظ على الرسم البياني التالي استمرار تراجع العائدات على السندات الألمانية الآجلة لعامين وعشرة أعوام في النطاق السلبي، ومنذ بداية العام اتسع الفارق بشكل كبير بين العائدات على المدى الطويل والقصير وفي الوقت الحالي لا يمكننا تبني نظرة تفاؤلية إلا إذا شهدنا ارتفاع للعائدات طويلة المدى بشكل أقوى بكثير من قصيرة المدى.
ومع تطبيق معدلات الفائدة السالبة في منطقة اليورو، أصبح المدخرين يدفعون رسوم على ودائعهم والبنوك التي تقدم رهون عقارية تدفع لأصحاب المنازل للاقتراض!
في سياق متصل، لا تزال معدلات التضخم المنخفضة والبعيد عن هدف البنك المركزي الأوروبي تؤرق صناع القرار، فحسب البيانات الأخيرة سجلت القراءة الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعًا بنسبة 1% مقابل الهدف المرغوب عند 2%، ومقابل ارتفاعه بنسبة 1.4% ببداية العام وهو ما يعني استمرار تباطؤ ارتفاعها، ولهذا يجب أن يتدخل البنك لصد مخاطر انزلاق اقتصاد المنطقة في حالة من الركود، فما هي أدوات البنك المتاحة؟
قد يقرر البنك المركزي الأوروبي خفض الفائدة مرة أخرى ولكنه بذلك سيزيد الضغوط على البنوك التي تعاني بشكل كبير من الفائدة السالبة، لأن ببساطة كلما تراجعت أرباح البنوك كان من الصعب زيادة رأس المال الخاص بها وبالتالي أصبحت أكثر عرضة للأضرار المحتملة التي قد تنجم عن الأزمات الاقتصادية، كما أنها ستكون أقل قدرة على الاقراض.
يظهر الرسم البياني استمرار تراجع نسبة الإقراض إلى الودائع في منطقة اليورو وفرنسا وألمانيا
أو قد يتخذ البنك قرارًا باستئناف برنامج التيسير الكمي وبدء شراء السندات مرة أخرى، لتكون بذلك المرة الثانية التي يقوم فيها البنك بإطلاق هذا البرنامج بعد أن أطلقه في مارس 2015 وأنهاه في ديسمبر 2018 مع تعافي معدلات التضخم وتحسن الوضع الاقتصادي. وساعد هذا البرنامج خلال هذه الفترة في ارتفاع نسبة الإقراض بشكل قوي للأسر والمؤسسات غير المالية كما هو موضح على الرسم البياني:
بالطبع اتخاذ المزيد من الإجراءات التسهيلية سياعد على تحفيز النمو الاقتصادي، ولكنه سيؤثر سلبًا على تداولات اليورو ولكن سيختلف التأثير هذه المرة من عملة لأخرى في وقت تتخذ فيه البنوك المركزية الأخرى إجراءات تسهيلية واتجاه الفيدرالي لخفض الفائدة في 18 سبتمبر.
مع اتخاذ المركزي الأوروبي المزيد من الإجراءات التسهيلية قد يمتد تراجع اليورو دولار إلى المستوى 1.0840 على المدى المتوسط. الجدير بالذكر أن اليورو دولار سجل أدنى مستوياته مع وصول الفارق بين السياسات النقدية للمركزي الأوروبي والفيدرالي الأمريكي إلى مستويات مرتفعة عند 1.0340، ولكن الحديث عن احتمالية وصوله إلى هذا المستوى تتطلب انتظار الإعلان عن قرارات هذا الشهر، ولكن تبقى النظرة السلبية على المدى القصير والمتوسط هي القائمة في الوقت الحالي.