نتذكر أو بالأحري يتذكر البعض منا لحظة سقوط سور برلين ، عبء ألقاه الإتحاد السوفيتى على كاهل ألمانيا الغربية القوة الإقتصادية المنتعشة إقتصاديا ، تصورات اللحظة الأولى دفعت معظم حائزي المارك الألماني ( قبل الإلغاء ) إلى التخلص منه مقابل الدولار الأمريكي والفرنك السويسري، السويسريون في ذلك الوقت بحكم الجوار الجغرافي مارسوا قدرا من الإنتهازية عبر بنوكهم قد لا ينساه التاريخ فتم إستبدال المارك الألماني بأقل من سعر الصرف العادل بكثير للألمان وغيرهم من المقيمين داخل سويسرا بينما كان لدي الفرنسيون ما يخشونه من إستبدال المارك الألماني مقابل الفرنك السويسري فآثروا إستبداله بالدولار الأمريكي والفرنك السويسري والجنيه الإسترلينى
للإشتراك في خدمة التحليلات والتوصيات اليومية إضغط هنا للإشتراك الآن ثم قم بمتابعة صفحتي الشخصية على الموقع
لكن تلك المخاوف وحالة التخلص من المارك الألماني كان لها في الواقع ما يبررها ، ألمانيا الغربية تختلف جذريا عن الجزء الشرقي المتخلف كثيرا والمنهار إقتصاديا مثل دول الكتلة الشرقية ، وأصبح على ألمانيا الغربية فجأة ودون مقدمات أن تضم داخل دولة الوحدة كيان إقتصادي هش ويمثل عبء على إقتصاد قوي ونشيط
لكن ما كشفت عنه الأيام بعد ذلك كان مفاجئ بكل المقاييس ، الألمان ومنذ فصل الألمانيتان كانوا يدخرون جزء من الدخل القومي لصالح لحظة الوحدة ، تحديدا كان لديهم ما يمكن تسميته (صندوق خاص ) يحولون له جزء من الفائض القومي لصالح لحظة الوحدة حتى لا تأتي تلك اللحظة التي يحلمون بها وتتحول لكابوس لذلك عندما سقط سور برلين وعادت الدولة الألمانية موحدة مر الأمر بسلاسة وهدوء وسرعان ما تم إحتواء آثار الحقبة الشيوعية بمنتهي البساطة ودون تعقيدات
تلك الحالة التاريخية يمكن أن نتخيل ولو للحظات أننا قد نشهد مثيلا لها مع الخروج البريطاني الممل والمؤجل والذي إستهلك ثلاثة رؤساء وزراء حتى الآن من كاميرون إلى تيريزا ماي وليس إنتهاء ببوريس جونسون ، لكن التأجيل والمماطلة رغم الملل والضبابية يمنحان الدائرة الضيقة داخل بريطانيا ما تحتاجه من وقت لإنهاء عقود الشركات الكبري دون مشكلات كبيرة والإستعداد على نحو أفضل للحظة الخروج ، وبصرف النظر عن من يجلس في 10 داوننج ستريت فإن في الخلفية هناك من يعد كل شئ ليجعل الخروج سهلا بأكثر من المتوقع بل ومربح أيضا وبصرف النظر عن سيناريوهات الجوع والعوز التى روج لها البعض فإن الخروج البريطاني من الإتحاد الأوروبي قد يكون في النهاية في صالح بريطانيا شعبا وإقتصادا وعزلا لها عن إتحاد أوروبي لا يبقيه على قيد الحياة سوى الماكينة الألمانية التى قررت إستبدال ماركها القديم باليورو والذي تمثل القوة الرئيسية فيه
لذلك لا نتوقع أن نشهد إنهيارات في بريطانيا بل على العكس قد نشهد عودة لجنيه إسترلينى قوي إلى حد بعيد وأعلى من 1.4 خلال عام 2020
لذلك فإن المشترين للإسترليني من المستويات الحالية مقابل الدولار والين بالأساس دون الخوض في تداولات الإسترلينى مقابل باقي العملات سيجنون الكثير والكثير جدا بقليل من الصبر ورباطة الجأش
وعبر المحيط تأتي أمريكا التى تعاني من شبح أزمة سياسية يصر فيها الديمقراطيون على الإطاحة بالرئيس الجمهوري الذي لم يقدم للناخبين سوى إقتصاد سريع ونشيط وأنعش سوق الأسهم ليحقق أرقاما تاريخية غير مسبوقة لتداولات مؤشرات البورصة الأمريكية خلال فترة وجيزة
لكن سيناريو العزل الذي سيواجه مقاومة عنيفة في مرحلته الأخيرة من الجمهوريين لن يعني الكثير ، ورغم أن ترامب يريد من البداية دولار ضعيف لم يحصل عليه فإن الديمقراطيون المتعايشون مع الدولار القوى قد يرثون دولارا ضعيفا بتأثير من تراجعات محتملة للبورصة وبعض المخاوف من عدم قدرة الرئيس القادم على المضي على خطي دونالد ترامب الذي ينتهج نهجا إقتصاديا صعب السيطرة عليه فعليا
لذلك فإن المباشرة بشراء أزواج اليورو دولار حاليا قد تصبح فرصة للثراء من المستويات الحالية مع إحتمالية كبيرة لأن نعيد إختبار مستويات 1.2 وحتى 1.3 خلال عام 2020
من آسيا قد نجد بعض الفرص أيضا فلا يبدو أن مستويات دون 110 لصرف الدولار مقابل الين ، و دون 124 لصرف اليورو مقابل الين ، و 152 لصرف الإسترلينى مقابل الين ، لا يبدو أن مستويات دون تلك المستويات ترضي وتتفق مع التوجه الإقتصادي لليابان التى يبدو أنها ستعاني كثيرا من القوة التى يكتسبها الين بتأثير من تصنيفه كملاذ آمن وسط مناخ إقتصادي مضطرب كثيرا
وهو أيضا يمنح منافسا مثل الصين قدرة تنافسية أكبر في أسواق كانت اليابان أول من إهتم بها مثل الأسواق الأفريقية والكثير من دول العالم الثالث لذلك قد نشهد تدخلات على إستحياء في سعر الصرف أو بشكل أوضح للتأثير على سعر الصرف حيث تمثل المستويات الحالية لسعر صرف الين الياباني مستويات غير محببة للمصدرين والصناع اليابانيون
الدول المصدرة للبترول أيضا لديها ما تخشاه ، أسعار البترول حتى الآن متدنية وإنكماش إقتصادي يبدو ماثلا في الأفق قد يمسح آثار الزيادات العابرة في سعر برميل النفط إضافة لوجود براميل نفط حائرة خارج منظومة الأوبك لدول تقبل لأسباب كثيرة بسعر أدني من الأسعار المستهدفة من مجموعة الأوبك بينما يبدو أن السعودية ستهتم أكثر بصناعات النفط من إهتمامها بسعر بيع النفط بينما تملك أقل سعر إستخراج لبرميل النفط على مستوي العالم ، ومن الإمارات يمكننا أن نشهد نجاح تجربة دولة نفطية تحولت لتكون صاحبة إقتصاد متنوع لا يهتم كثيرا بأمر النفط ويطرح نفسه كمنفذ إقتصادي ومنطقة ربط بين الشرق الأقصي وبقية العالم ، بينما تأتي البحرين في مقدمة دول الخليج التى دخلت عصر ما بعد النفط وتلحق بها قطر التى أدارت بذكاء مخزونها من الغاز الطبيعي
كلها عوامل ضغط على سعر برميل النفط قد يعود به لمناطق غبنا عنها كثيرا ولا يقف دونها سوى جهود روسية محدودة تحاول أن تحافظ على الحد الأدني تسعير البرميل لكن على فترات وضمن قدرات تأثير محدودة في النهاية
لذلك فإن بائعي النفط من المستويات الحالية قد يجنون الكثير خلال الفترة القادمة إذا ما سارت الأسواق داخل الترند الهابط القادم من مستويات أعلى من 100 دولار للبرميل والتى وصلت به إلي قيعان سحيقة قبل سنوات قبل أن يجد البعض مناطق بين الـ 50 و 60 دولارا للبرميل سعر تداول عادل تحوم الأسعار حوله عام 2020 سيمنح البعض الفرصة لصناعة ثروات بإستخدام القليل من المال ، و سيحقق من إستطاع إستغلال فرص سنحت خلال 2019 وقد لا تأتي ثانية ، سيحقق هؤلاء ثروات كبيرة خلال فترات زمنية قصيرة للغاية ، ودائما لا يفوز بالغنائم إلا من يخرج عن القطيع