لا أتفق مع الرأي السائد بأن شراء الذهب كان نتيجة لتصاعد الحرب التجارية , هل حقاً ستتحوط الدول بشراء الذهب ؟ حقيقةً هذا كلام غير مقنع بالكامل مع أن الاتجاه السائد يؤكد ذلك . لا أعتقد أن الحرب التجارية هي السبب , لنفترض جدلاً أن هذا هو السبب الحقيقي فعلاً وبالتالي كيف تستفيد من شراء الذهب عند تراجع التجارة أو الدخول في ركود ’ واقعياً لن يفيدك شيء , هذا جانب واحد من القصة.
الجانب الآخر , أن تراجع مؤشرات الأسهم العالمية بسبب المخاوف من الحرب التجارية ترافق مع ارتفاع الذهب , بيع الأسهم وشراء أدوات استثمارية أكثر أماناً حسب اعتقاد الكثيرين وهذه طريقة ليست جديدة. باعتقادنا , كان شراء الذهب نتيجة حتمية للتوقعات بمزيد من تراجع سعر صرف العملات العالمية ( اليوان مثلاً) وبالتالي علينا معرفة من يشتري الذهب أصلاً, هذا أولاً. الرسم البياني يوضح تماماً أن ارتفاع الذهب ارتبط بقوة مع تراجع اليوان القياسي , تشتري الصين وتتحوط من التضخم وليس من تراجع اقتصادي محتمل أو حرب تجارية. تمتلك أمريكا الاحتياطي الأكبر في العالم كما هو مصرح به , وبالتالي اذا ارتفع الذهب تستفيد أمريكا من ناحية القيمة التي تمتلكها.
وثانياً, البنوك المركزية الكبرى في العالم غيرت من الاتجاه العام لسياستها النقدية , من سياسة هي في أعلى مستويات التكيف مع الأداء الاقتصادي ونمو التضخم , الى سياسة نقدية متساهلة بالكامل تقريباً, ما معناه أن تخفيض أسعار الفائدة هو العنوان الجديد للمرحلة القادمة , وهذا ثانياً.
وثالثاً, التراجع في عوائد السندات الأمريكية ليس فقط بسبب الحرب التجارية بل لسببين :
أولاً, ديناميكية سوق السندات الأمريكي الأكبر والأهم في العالم , وبالتالي شراء السندات من عوائد أعلى وسعر أرخص .
ثانياً, التراجع حدث لسندات العشر سنوات وهذه إشارة الى توقع المزيد من الضغط السياسي و الاقتصادي في أداء الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً , خلال سنة الى سنة ونصف .
لن تؤدي هكذا سياسات الى النمو الاقتصادي المستدام أبداً، بل سترفع من قيم الأصول العالية المخاطر كالأسهم الى مستويات جديدة بلا قيمة حقيقة. سيستفيد الذهب مجدداً، حتى لو وصل الى 1500$ وهو قريب منها , لا أعتقد بنهاية مكاسبه حالياً . العوائد على السندات الأمريكية والأوربية ستواصل التراجع.
تابعونا على حساباتنا في تويتر وتيليجرام للمزيد من التحديثات اليومية وتحليل الأسواق العالمية.