كانت هنالك فوضى ملحوظة في الأسواق المالية خلال الأسبوع السابق وسط هبوط الأسهم العالمية بشكل ملحوظ وارتفاع مقاييس التذبذبات (تقدّم مقياس الأسهم القريب الأجل بحوالى 60% يوم الخميس). مع ذلك، شكّلت ردود فعل اسواق الفوركس ولا سيّما الدولار الامريكي التناقض الأبرز لهذه الفوضى. في حال كان الأخضر يعتبر بمثابة ملاذ آمن، لماذا لم يتسارع صعودًا عندما شعرت اسواق رؤوس الأموال الأخرى بتأثيرات الخوف؟ ماذا يعني ذلك على صعيد العملة في المستقبل؟
ولدت التذبذبات في الأسبوع السابق نتيجة حدثين رئيسيين: إسقاط طائرة في المنطقة المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا وبدء الهجوم البرّي على قطاع غزة. تحمل المسألتين تشعبات جيوسياسية كبيرة وبالتالي تدبّ الذعر في نفوس المستثمرين الذين عرّضوا أنفسهم بشكل ملحوظ للأصول المحفوفة بالمخاطر وبالتالي يعتمدون على الإستقرار. ما يفرّق الوضع الراهن عند أوضاع مماثلة في السابق هو الخلفية المالية. فمستويات الأنشطة والمواقع والمواضيع الأساسية الكامنة تتغيّر جميعها.
بلغت مقاييس المخاطر في الأسابيع الأخيرة قيع تاريخية لأعوام عدّة (الأسهم والأسواق الناشئة والسلع). فالقاع الطبيعي هو محتوم عندما تتبخّر العائدات الحقيقية. إنّ الأحجام الضعيفة والمصالح المفتوحة تعكس الإنسحاب المستمرّ للمشاركين الناشطين في السوق والسيولة هي ضرورية لإحلال الإستقرار في السوق عندما تبرز المخاوف.
يمثلّ الدولار ملاذ آمن ذات جاذبية خاصّة. وفي وجه أكبر سوق وأكثرها تنظيمًا في العالم، إنّه مفضّل لأجل سيولته. يعني ذلك انّ الإرتفاعات المؤقتة للتذبذبات لا تتمتّع بتأثيرات هنا كما تفعل على صعيد مؤشر اسهم أو حتّى زوج من أزواج الين. مرّة جديدة، السعي الحالي للعائدات وسط الأسواق الأضعف يشكّل الفرصة المثالية للعملة.
بالتطلّع قدمًا، ثمّة بعض الأحداث التي من شأنها المساهمة في بروز تحوّل حاسم في الإتّجاه. علاوة على ذلك، نظرًا الى مناعة السوق أزاء عدد اكبر من الأحداث الرئيسية المحفوفة بالمخاطر- قرار فائدة مجلس الاحتياطي الفدرالي وتقارير العمل والعناوين الخارجية- من المحتمل أكثر أن يدفع التفاؤل للعودة الى حقيقة تحديد المواقع تحت قوّته الخاصّة. من جهة أخرى، يشمل الجدول عدد من الأحداث الهامّة بالنسبة الى المحرّك الآخر للدولار: توقعات معدّلات الفائدة.
ما من مستوى حقيقي من البطالة يدفع بنك الاحتياطي الفدرالي الى رفع معدّلات الفائدة عنده. تتطوّر تلك الحاجة الى تشديد السياسة النقدية من خلال ضغوطات التضخم. يعني ذلك أنّ موعد أوّل زيادة لمعدّلات الفائدة يعتمد على قراءات من قبيل ارقام تضخّم مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو التي ستصدر يوم الثلاثاء. من المتوقع ثبات القراءة الرئيسية عند 2.1%.
الإعتبار الآخر على صعيد تخمينات معدّلات الفائدة الكامنة وراء الدولار هو إدراك تواجد احداث أبرز ستصدر في الأسبوع القادم. تقرير الوظائف الأميركية المتوافرة خارج القطاع الزراعي الأميركي لشهر يوليو والناتج المحلي الإجمالي للفصل الثاني وقرار فائدة مجلس الاحتياطي الفدرالي. لذلك، في حين ثمّة الكثير من الفرص المؤاتية لإتجاهات المخاطر واحتمال زيادة المعدّلات، يجب أن نعتبر توقيت تلك الزيادة بمثابة محفز.