في الأسابيع الأخيرة، استمدّ الدولار قوّة ضعيفة من دوره كملاذ آمن، في حين خفت بريق نجمه الذي سطع عقب التقليص الثالث للتيسير الكمّي من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي. في فترات الإرتياح والإعتدال، يكون الأخضر عرضة لتصحيح المكاسب القريبة الأجل. ولكن خلال هذه التذبذبات، رفضت العملة اختبار تحوّل كامل الى الأسفل. فالمناعة في الأوضاع غير الملائمة هي بمثابة انعكاس صعودي بطبيعتها. ولكن ماذا يحصل عندما تنقلب الموازين وتبدأ الأساسيات بتوفير دعمًا كبيرًا؟ في الأسبوع القادم، ستتزايد آفاق معدّلات الدولار بفضل تقرير الوظائف الأميركية المتوافرة خارج القطاع الزراعي لشهر مارس. علاوة على ذلك، إنّ شبح انهيار المخاطر سيبقي على الأرجح التّجار على أهبّة الإستعداد.
وفي حين ثمّة فرص ملموسة أكبر بأن يطرأ تغيير على مستوى نشاط الدولار واتّجاهه من خلال تحوّل توقعات السياسة النقدية، من الممكن أن يتمتّع التغيير الذي يطال شهية المخاطر بتأثيرات أكبر. الإحتمالات مقابل القدرة. لم تصبح شهيات المضاربة "متفائلة" حاليًا. فهي تختبر فترة من الرضا وتدافع للحصول على عائدات أكبر بأي ثمن. تورد بعض الروايات المتناقلة بأنّ التحرّكات الصعودية التي دفعت السوق الى الإرتفاع وصولاً الى ذروات تاريخية باتت تشكّك في جذور الأسعار المرتفعة الحالية التي تشهدها سوق رؤوس الأموال.
إنّ أي مساعي لبيع الإنخفاضات الحاصلة في الإتّجاهات الناضجة كالأسهم الأميركية شكّلت الوسائل الرئيسية لمكاسب التحرّكات الصعودية حتّى الآن هذا العام، وباتت القيود المفروضة على تلك الإستراتيجية واضحة أكثر فأكثر. سيكشف أي تحوّل يطرأ على الإتّجاه النقاب عن مستوى تعرّض المشاركين في الأسواق ويشجّعهم على الخروج من المواقع. مع ذلك، السؤال الذي يطرح منذ فترة طويلة: ما هو العنصر الذي سيشعل فتيل النار؟ في الأسبوع القادم، سيبدأ فصل جديد من العام. ففي الواحد من أبريل ننتقل الى الفصل الثاني. تعتبر الإنتقالات الموسمية غاية في الأهمّية في العالم المالي بما أنّها فرصة للمشاركين غير الناشطين في سوق رؤوس الأموال لإدخال التغييرات. هل يتمتّع المستثمرون بهذا القدر من الثقة؟ سوف نرى.
يشمل الجدول الاقتصادي خلال الأسبوع قائمة كثيفة من البيانات التي من شأنها زعزعة الثقة، ولكنّ الشرارة ستبقى شرارة. سيتحقّق التحوّل الهادف في الثقة من خلال الأوضاع الكامنة التي تطوّرت بشكل مطّرد مع الوقت. ولكن لا يزال ذلك المحفز المحدّد بعيد المنال. بالتطلّع قدمًا، سيصدر تقرير الوظائف الأميركية المتوافرة خارج القطاع الزراعي يوم الجمعة، الى جانب خطاب رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين وأرقام الميزان التجاري وقراءات أنشطة القطاع التصنيعي والخدماتي. كلّ تقرير من تلك التقارير هو هامّ.
كما ستساهم سلّة البيانات تلك في تعزيز التخمينات المحيطة بمعدّلات فائدة الدولار. على الرغم من التقليص الثالث للتيسير الكمّي والتوقيت الأفضل لزيادة المعدّلات الذي برز في اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي في التاسع عشر من مارس، لاحظنا تدنّي استفادة الدولار الأميركي من مسألة العائدات في الأسبوع السابق. مع ذلك، بالنظر الى منحى عائدات سندات الخزانة؛ نجد أنّ توقعات المعدّلات في صدد الإرتفاع. يعزى هذا الإختلاف الى تعاملنا مع سوق نسبية.
بما أنّ أداء اليورو سيعتمد على اتّجاهات السياسة النقدية، سيتمثّل السيناريو الأكثر موثوقية بهبوط واسع النطاق للتفاؤل المالي والاقتصادي العالمي الذي سيعزّز الضغوطات على البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وبنك انجلترا على سبيل المثال لكي يقلّلوا من حدّة نبرتهم المتفائلة ولربّما يعتمدوا المزيد من الحوافز. في هذه الحالة، سيعتبر تعهّد بنك الاحتياطي الفدرالي الذي يظهر أنّ عتبة تغيير التقليص هي مرتفعة للغاية بمثابة محفز لبروز تصحيحات في السوق. كما يتمتّع قرار فائدة البنك المركزي الأوروبي وقراءات النمو الصيني وزيادة بنك اليابان للضرائب بتأثيرات غير مباشرة على الدولار الأميركي.